الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ) [الآية ٤٩] ولم يقل : وقال الذين في النار لخزنتها مع أنه أوجز؟
قلنا : لأن في ذكر جهنّم تهويلا وتفظيعا. وقيل إن جهنّم هي أبعد النار قعرا ، وخزنتها أعلى الملائكة الموكلين بالنار مرتبة ، فإنّما قصدهم أهل النار بطلب الدعاء منهم لذلك.
فإن قيل : لم قال المشركون كما ورد في التنزيل : (بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً) [الآية ٧٤] مع قولهم كما ورد في التنزيل أيضا : (هؤُلاءِ شُرَكاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ) [النحل / ٨٦]؟
قلنا : معناه أن الأصنام التي كنا نعبدها لم تكن شيئا لأنّها لا تنفع ولا تضرّ. الثاني أنهم قالوا كذبا وجحودا ، كقولهم كما ورد في التنزيل : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) (٢٣) [الأنعام].
فإن قيل : لم قال تعالى : (وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ) (٨٠) ولم يقل : وفي الفلك تحملون ، كما قال سبحانه : (قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) [هود / ٤٠].؟
قلنا : معنى الوعاء ومعنى الاستعلاء كلاهما صحيح في الفلك ، لأنه وعاء لمن يكون فيه وحمولة لمن يستعليه ؛ فلما صحّ المعنيان استقامت العبارتان معا.