أن الذين لا يؤمنون بها يستعجلون بها على سبيل الاستهزاء ، وأن الذين يؤمنون بها مشفقون أن تفاجئهم ، وأنّه لا يؤخّرها إلّا لأنّه لطيف بعباده ، يرزق من يشاء وهو القوي العزيز. فمن كان يريد حرث الآخرة يزد له في حرثه ، ومن كان يريد حرث الدنيا يؤته منها ويمهله ولا يعجّله ، وما له في الآخرة من نصيب.
ثم انتقل السياق إلى توبيخهم ، على ما شرّعوا لأنفسهم من الشرك وإنكار البعث ، ونحو ذلك ، مما زيّنه لهم شركاؤهم من الشياطين ؛ وهدّدهم سبحانه بأنّه لو لا حكمه بتأخير عذابهم إلى يوم القيامة لعجّل بالقضاء بينهم ؛ وأنذرهم بأن لهم عذابا أليما على ما شرعوه من ذلك لأنفسهم ، وبشّر المؤمنين بروضات الجنات التي أعدّها جلّت قدرته لهم ، وانتقل السياق من هذا إلى توبيخهم ، على أن ينسبوا الى النبي (ص) افتراء هذا الدين عليه ، وذكر سبحانه أنّه لو يشاء ختم على قلبه ، وتولّى هو محو الباطل وإحقاق الحق بآياته ؛ ولكنّه أراد أن يعذرهم بإرساله إليهم ، رحمة بهم ، ليتوب عن شركه من يتوب فيقبل توبته ، ويستجيب دعاء المؤمنين ويزيدهم من فضله ؛ ومن يستمرّ على كفره بعد ذلك ، فلهم عذاب شديد في دنياهم وآخرتهم ؛ ثم ذكر أنه في رحمته بهم يرزقهم بقدر ، لأنّه ، لو بسط لهم الرزق ، لبغوا في الأرض ؛ وبيّن أنهم إذا احتاجوا إلى الرزق فإنه لا يمنعهم منه ، فينزل الغيث عليهم من بعد يأسهم منه ، وينشر عليهم رحمته. وقد ذكر بعد هذا آياته ونعمه عليهم ، وذكر ما يصيبهم في دنياهم ، أو في ما ينعم به عليهم ، ليبيّن أن ذلك قد يكون بما كسبت أيديهم ؛ ثم ذكر سبحانه أن ما يعطونه من الرزق في الدنيا لا قيمة له ، وأن ما عنده خير وأبقى للمؤمنين الذين يتوكّلون عليه ، والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش ، ويعفون عند غضبهم ، إلى غير هذا مما ذكره سبحانه من صفاتهم ؛ ثم انتقل السياق من هذا إلى وعيد من يضلّ عن ذلك الدين القديم ، فذكر سبحانه أنهم حين يرون العذاب ، يتمنّون أن يردّوا ليؤمنوا به ، إلى غير هذا مما ذكره من أحوالهم.
ثم ختم السورة بأمرهم أن يستجيبوا لربّهم فيما شرع لهم من ذلك الدين ، من قبل أن يأتي يوم لا مردّ له منه ، ولا