وهديه يعبّران عن اختيار اليسر ، وقلة التكلف في اللباس والطعام والفراش وكل أمور الحياة ، فكان (ص) يلبس لكل موطن ما يناسبه ، فلبس العمامة والقلنسوة في السلم ، ولبس المغفر وغطى رأسه ووجهه بحلقات الحديد في الحرب. جاء في «زاد المعاد» لشمس الدين أبي عبد الله محمد بن قيم الجوزيه عن هديه (ص) في ملابسه : «والصواب أنّ أفضل الطرق طريق رسول الله (ص) ، التي سنها وأمر بها ورغب فيها وداوم عليها ، وهي أنّ هديه في اللباس أن يلبس ما تيسّر من اللباس من الصوف تارة ، والقطن تارة ، والكتّان تارة ، ولبس البرود اليمانية والبرد الأخضر ، ولبس الجبة والقباء ، والقميص والسراويل ، والإزار والرداء ، والخف والنعل ، وأرخى الذؤابة من خلفه تارة وتركها تارة ... إلخ».
وقال عن هديه (ص) في نومه وانتباهه : «كان ينام على فراشه تارة ، وعلى النطع (١) تارة ، وعلى الحصير تارة ، وعلى الأرض تارة ، وعلى السرير تارة بين رماله ، وتارة على كساء أسود».
وقال في هديه في الطعام : «وكذلك كان هديه (ص) وسيرته في الطعام ، لا يردّ موجودا ، ولا يتكلّف مفقودا ، فما قرّب إليه شيء من الطيّبات إلّا أكله ، وما عاب طعاما قط : إن اشتهاه أكله ، وإلّا تركه.
فقد أكل الحلوى والعسل ـ وكان يحبّهما ـ وأكل الرّطب والتمر ، وأكل الثريد بالسمن وأكل الجبن ، وأكل الخبز بالزيت ، وأكل البطيخ بالرطب ، وأكل التمر بالزبد ـ وكان يحبه ـ ، ولم يكن يردّ طيّبا ولا يتكلّفه ، بل كان هديه أكل ما تيسّر ، فإن أعوزه صبر ... إلخ».
والأحاديث النبوية التي تحضّ على اليسر والسماحة ، والرفق في تناول الأمور كثيرة جدا يصعب تقصيها ، منها قوله (ص) : «إنّ هذا الدين يسر ، ولن يشادّ الدين أحد إلّا غلبه» ، أخرجه البخاري. «لا تشدّدوا على أنفسكم فيشدّد عليكم فإن قوما شدّدوا على أنفسهم فشدّد عليهم» أخرجه أبو داود.
__________________
(١) النطع : البساط.