الأغلب نزهة للناظر» ، وأمان وحفظ لتوازن الأرض ، قال تعالى : (وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ) [الأنبياء / ٣١] وقال سبحانه : (وَالْجِبالَ أَوْتاداً) (٧) [النبأ] أي وسيلة لحفظ نظام الأرض من الزلازل والبراكين وغيرها.
[الآية ٢٠] : (وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ) (٢٠) والأرض مسطوحة أمام النظر ، ممهّدة للحياة والسير والعمل ، والناس لم يسطحوها كذلك ، فقد سطحت قبل أن يكونوا هم ، أفلا ينظرون إليها؟ ويتدبّرون ما وراءها ، ويسألون من سطحها ومهّدها هكذا للحياة تمهيدا؟
«وقد أيقظ القرآن الحس ، ولفت النظر ، إلى مشهد كلّي يضم منظر السماء المرفوعة ، والأرض المبسوطة ، وفي هذا المدى المتطاول تبرز الجبال منصوبة السّنان ، لا رأسية ولا ملقاة ، وتبرز الجمال منصوبة السّنام : خطّان أفقيان ، وخطان رأسيّان ، في المشهد الهائل ، في المساحة الشاسعة ، وهي لوحة متناسقة الأبعاد والاتّجاهات ، على طريقة القرآن في عرض المشاهد ، وفي التعبير بالتصوير على وجه الإجمال».
والآن بعد الجولة الأولى في عالم الآخرة ، والجولة الثانية في مشاهد الكون المعروضة ، يخاطب القرآن النبيّ الكريم ، بقول الله تعالى :
[الآيات ٢١ ـ ٢٤] : (فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ (٢١) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (٢٢) إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (٢٣) فَيُعَذِّبُهُ اللهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ) (٢٤).
فعظهم يا محمّد بآيات القرآن ، وذكّرهم بالدعوة إلى الإله الواحد القهّار ؛ فالإنسان بفطرته ميسّر للإذعان بقدرة الله جلّ جلاله وبديع صنعته ؛ وإنّما قد تتحكّم الغفلات ، فتحتاج النفوس إلى مذكّر يردّها إلى الحقّ والصواب.
(إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ) (٢١) أي إنما بعثت للتذكير فحسب ، وليس عليك هداهم ؛ إن عليك إلا البلاغ ، وتبليغ الدعوة وترك الناس أحرارا في اعتقادهم ، فلا إكراه في الدين ، (لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) (٢٢) والمسيطر : المتسلّط ، فأنت لا تجبرهم على الايمان. قال تعالى : (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ) (٤٥) [ق].
فمن تولّى عن الحق ، وكفر بآيات