[الآيات ٦ ـ ٨] : ألم تعلم يا محمّد ، أو ألم تعلم أيّها المخاطب ، كيف فعل ربّك بعاد ، وهم الذين أرسل إليهم هود عليهالسلام فكذّبوه ، ومن قبيلة عاد «إرم» وكانوا طوال الأجسام ، أقوياء الشكيمة ، يقطنون ما بين عمان وحضرموت واليمن ، وكانوا بدوا ذوي خيام تقوم على عماد ، وقد وصفوا في القرآن بالقوة والبطش ، فقد كانت قبيلة عاد أقوى قبيلة في وقتها وأميزها : (الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ) (٨) في ذلك الأوان.
[الآية ٩] : (وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ) (٩) وكانت ثمود تسكن بالحجر ، في شمال الجزيرة العربية بين المدينة والشام ، وقد قطعت الصخر وشيّدته قصورا ، كما نحتت في الجبال ملاجئ ومغارات.
[الآية ١٠] : (وَفِرْعَوْنَ) [الآية ١٠] وهو حاكم مصر في عهد موسى عليهالسلام ، وهو صاحب المباني العظيمة والهياكل الضخمة ، التي تمثّل شكل الأوتاد المقلوبة. وقيل الأوتاد تعني القوّة والملك الثابت ، لأنّ الوتد هو ما تشدّ إليه الخيام لتثبيتها ، واستعمل هنا مجازا إشارة إلى بطشه ، وحكمه الوطيد الأركان.
وقد جمع الله ، سبحانه ، في هذه الآيات القصار ، مصارع أقوى الجبارين ، الذين عرفهم التاريخ.
[الآيات ١١ ـ ١٤] : (الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ (١١) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ) (١٢) أي هؤلاء الذين سلف ذكرهم ، من عاد وثمود وفرعون وجنده ، جميعا تجاوزوا الحدّ وكفروا بنعمة الله عليهم ، وأكثروا في البلاد الفساد ، وارتكاب المعاصي ، فكفروا وقتلوا وظلموا ، فأنزل الله عليهم العذاب بشدّة مع توالي ضرباته.
وقد شبه الله تعالى ما يصبّه عليهم من ضروب العذاب بالسّوط ، من قبل أنّ السّوط يضرب به في العقوبات ، وما وقع بهم من ألوان العذاب ، كان عقوبة لأنواع الظلم والفساد. إنّ الله سبحانه وتعالى يرى ويحسب ويحاسب ، ويجازي وفق ميزان دقيق لا يخطئ ولا يظلم ، وقد سجّل الله عليهم أعمالهم كما يسجّل الراصد الذي يرقب فلا يفوته شيء.
[الآيتان ١٥ و ١٦] : إنّ الإنسان إذا اختبره الله سبحانه وتعالى : فوسّع عليه في الرزق ، وبسط له في النعمة ، ظنّ