الذكر والأنثى ، وميّز بين الجنسين مع أن المادة التي تكوّنا منها مادة واحدة ، والمحلّ الذي تكوّنا فيه محل واحد.
يقسم الله بهذه الظواهر ، والحقائق المتقابلة في الكون وفي الناس ، على أن سعي الناس مختلف ، وعملهم متباعد ومتفرّق ، فمنه السّيئ ومنه الحسن ، ومنه التقوى ومنه الفجور ، ومنه ما يجازى عليه بالنعيم المقيم ، ومنه ما يعاقب عليه بالعذاب الأليم.
[الآيات ٥ ـ ١١] : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى (١٠) وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى) (١١).
أعطى : بذل ماله.
اتقى : خاف عذاب الرحمن واجتنب المحارم.
الحسنى : الكلمة الحسنى وهي مؤنث الأحسن ؛ فسنيسّره : فسنهيّئه.
لليسرى : لليسر والسهولة.
العسرى : العسر والعنت والمشقة.
تردّى : هلك ، وهو تفعّل من الردى.
فأما من أعطى الفقراء ، وأنفق المال في وجوه الخير ، وراقب الله وابتعد عن المحرّمات ، وأيقن أنّ الله سيخلف عليه ما أنفق ، مصدّقا بالفضيلة ، ومميّزا بينها وبين الرذيلة ، وابتعد من طريق الغواية ، (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى) (٧) فسنجعل اليسر يفيض من نفسه على كل ما حوله ، وعلى كلّ من حوله ، اليسر في خطوه ، واليسر في طريقه ، واليسر في تناوله للأمور كلها ، والتوفيق الهادئ المطمئن في كليّاتها وجزئيّاتها.
وأمّا من بخل بماله ، واستغنى عن ربّه وهداه ، وكذّب بالدين الحقّ ، ولم يصدّق بأنّ الله سيخلف على المنفقين ، وسيجزي المحسنين ، (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى) (١٠) فيسلب الله منه الهدى واليسر ، ويحرمه كلّ تيسير ، وبجعل في كلّ خطوة من خطاه مشقّة وحرجا ، ينحرف به عن طريق الرشاد ، فإذا تردّى وسقط في نهاية العثرات والانحرافات ، لم يغن عنه ماله الذي بخل به ، والذي استغنى به كذلك عن الهدى والسداد.
[الآيات ١٢ ـ ٢١] :
تلظّى : أصله تتلّظى ، أي تتوقّد وتلتهب.
لا يصلاها : لا يحترق بها.