على أن المراد بالآية كل ما كان ناشرا» (١).
[الآيات ٨ ـ ١٥] : يوم تطمس النجوم فيذهب نورها ، وتفرج السماء أي تشقّ ، وتنسف الجبال فهي هباء. وإلى جانب هذا الهول في مشاهد الكون ، تعرض السورة أمرا مؤجّلا ، هو موعد الرسل لعرض حصيلة الدعوة والشهادة على الأمم ، والقضاء والفصل بين كل رسول وقومه ، (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ) [المائدة / ١٠٩]. وفي هذا اليوم عذاب وخزي لمن كذّب بالله ورسله وكتبه ، وبكلّ ما ورد على ألسنة أنبيائه وأخبروا به.
[الآيات ١٦ ـ ١٩] : تجول هذه الآيات في مصارع الأوّلين والآخرين ، وفي ضربة واحدة تكشف مصارع الأوّلين ، من قوم نوح ومن بعدهم ، وتتكشّف مصارع الآخرين ، ومن لفّ لفّهم. وعلى مد البصر تتبدّى المصارع والأشلاء ، فهي سنّة الله التي لا تتبدّل ، من سيادة الصالحين ، وهلاك المجرمين. وفي الآخرة هلاك وعذاب شديد للمكذّبين. [الآيات ٢٠ ـ ٢٤] : هذه الآيات جولة في الإنشاء والإحياء ، مع التقدير والتدبير ، فهي تصف خلق الإنسان من نطفة مراقة ، تستقرّ في حرز مكين وهو الرّحم ، حتى تصير جنينا مكتملا (فَقَدَرْنا) وقت ولادته (فَنِعْمَ الْقادِرُونَ) [الآية ٢٣] ، نحن ، على التدبير وإحكام الصنعة. وفي الآخرة عذاب شديد للمكذّبين بآيات الله وقدرته وحكمته.
[الآيات ٢٥ ـ ٢٨] : وهذه الآيات جولة في خصائص الأرض ، وتقدير الله فيها لحياة البشر ، وإيداعها الخصائص الميسرة لهذه الحياة : (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً) (٢٥) (٢) تحتضن بنيها وتجمعهم (أَحْياءً وَأَمْواتاً) (٢٦) ، (وَجَعَلْنا فِيها رَواسِيَ شامِخاتٍ) [الآية ٢٧] ثابتات سامقات ، تتجمّع على قممها السحب ، وتنحدر عنها مساقط الماء العذب ، أفيكون هذا إلّا عن قدرة وتقدير ، وحكمة وتدبير؟ .. أفبعد هذا يكذّب المكذّبون؟ (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (٢٨).
[الآيات ٢٩ ـ ٣٤] : تنتقل الآيات في وصف مشهد من مشاهد القيامة ، والكفّار ينطلقون بعد طول احتباس إلى
__________________
(١). تفسير الطبري ٢٩ / ١٤٢ مطبعة بولاق ، الطبعة الأولى ، ١٣٢٩ ه.
(٢). الكفات : ما يكفت أي يضمّ ويجمع.