وإن لم يعلم حين الفعل أنّ المقرّب هو هذا الفعل ، إذ لا فرق بين أن يكون الجزم بالعمل ناشئا عن تكرار الفعل أو ناشئا عن انكشاف الحال.
______________________________________________________
عزوجل ، ولم يكن تكليفه الواقعي اكثر من ذلك.
وإنّما لم يكن تكليفه اكثر من ذلك لانّ الصلوات الأخر كانت مقدّمة علمية في حال الجهل ، فلما انكشف الواقع سقطت المقدمة العلمية ، سواء كان الانكشاف علما بأن علم وجدانا ، ام علميا بأن قامت الشهود على ان صلاته كانت باتجاه القبلة.
وعليه : فان هذه الصلاة تجزيه عن البقية (وإن لم يعلم حين الفعل انّ المقرّب هو هذا الفعل) لانّ العلم حال الفعل لا مدخلية له في التأثير في الواقع سلبا أو ايجابا.
وإنّما يجزي عنها ، لانه كما قال (اذ لا فرق بين أن يكون الجزم بالعمل ناشئا عن تكرار الفعل ، أو ناشئا عن انكشاف الحال) ولهذا لو انكشف في اثناء الصلاة ـ مثلا ـ انّ غيرها هو الواجب جاز له ابطالها : وفي اثناء الصوم ـ مثلا ـ جاز له ابطاله ولو كان بعد الظهر في محتمل قضاء شهر رمضان.
اما الحج فلا يجوز له ابطاله في الاثناء ، لانّ الحج يجب اتمامه حتى وان كان مستحبا ، فكيف به لو كان واجبا؟ ولذا فلو نذر الحج هذا العام أو العام الآتي ، ثم شك وذهب في العامين الى الحج ، وفي اثناء احدهما علم بأن هذا ليس هو المنذور ، فلا يجوز له أن يبطله.
نعم ، ربّما يقال : بجواز ابطاله ايضا ان كان قد حجّ على وجه التقييد ، اذ بالانكشاف يظهر : ان الحجّ هذا لم ينعقد من الاول رأسا ، فليس دفع اليه عنه في هذه الصورة ابطالا للحج حتى يشمله دليل : (أَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) (١).
__________________
(١) ـ سورة البقرة : الآية ١٩٦.