بما علم وترك المشكوك ، خصوصا مع اعتراف المولى بانّي ما نصبت لك عليه دلالة ، فانّ القائل بوجوب الاحتياط لا ينبغي ان يفرّق في وجوبه بين ان يكون الآمر لم ينصب دليلا أو نصب واختفى ،
______________________________________________________
بما علم وترك المشكوك) وكان ذلك المشكوك في الواقع جزءا لكنّه لم يصل اليه ، فانه يقبح مؤاخذته به سواء نصب له المولى دليلا ولم يصل اليه ، أم لم ينصب له المولى دليلا أصلا.
هذا (خصوصا مع اعتراف المولى بأنّي ما نصبت لك عليه دلالة ، فانّ) قبح مؤاخذته على ترك هذا الجزء في هذه الصورة أوضح من صورة النصب والاختفاء.
وعليه : فتكون الصورتان مجرى للبراءة ، وذلك لانّ المعيار في تنجز التكليف هو الوصول الى العبد ، وفي كلتا الصورتين لم يصل الى العبد ، ولو أراده المولى منه لقال له : يجب عليك الاحتياط في كل جزء شككت في جزئيّته وان لم يصل اليك جزئيته ، لكن المولى لم يفعل ذلك أيضا ، فتثبت البراءة في كلتا الصورتين.
كما ان (القائل بوجوب الاحتياط ، لا ينبغي ان يفرّق في وجوبه) اي : وجوب الاحتياط في كلتا الصورتين أيضا اي : (بين ان يكون الآمر لم ينصب دليلا ، أو نصب واختفى) وذلك للعلم الاجمالي منّا بأن عدم وجود الدليل على الجزئية إمّا للاختفاء ، أو لعدم النصب ، والعلم الاجمالي هذا يقتضي الاحتياط في كلتا الصورتين.
ان قلت : سلّمنا قبح المؤاخذة على تقدير عدم النصب ، لكنّا لا نسلمه على تقدير النصب والاختفاء عنا ، فيلزم التفصيل بين الصورتين ، يعني : القول بوجوب الاحتياط في صورة النصب والاختفاء ، وجريان البراءة في صورة عدم النصب.