أقول :
______________________________________________________
وبالجملة : فمقتضى عموم هذه الروايات : ان ماهية العبادات عبارة عن الأجزاء المعلومة بشرائطها المعلومة ، فيتبيّن موارد التكليف ويرتفع عنه الابهام والاجمال وينتفي الاشكال ، ولو تشبث مانع بضعف عموم الموصولة وادعى : إن المتبادر منها بقرينة ظاهر الوضع والرفع ، إنما هو الحكم التكليفي فقط ، أمكن دفعه بما يلي :
أولا : بأن الوضع والرفع لا اختصاص لهما بالحكم التكليفي فان المراد رفع فعلية الحكم ووضعها ، وهو صالح للتعميم إلى القسمين ، فيكون التخصيص تهكما.
وثانيا : بأن من الاصول المتداولة المعروفة ما يعبّرون عنه : بأصالة العدم ، وعدم الدليل دليل العدم ، فيستعملونه في نفي الحكم التكليفي والوضعي ، ونحن قد تصفّحنا فلم نجد لهذا الأصل مستندا غير عموم هذه الأخبار ، فيتعين تعميمها إلى الحكم الوضعي ولو بمساعدة أفهامهم ، وحينئذ فيتناول الجزئية والشرطية المبحوث عنهما في المقام.
ولك أن تقول : بأن ضعف شمول الرواية للمقام منجبرة بالشهرة العظيمة التي كادت أن تكون اجماعا على ما حكاه الفاضل المعاصر ، وربما يظهر أيضا بالتصفح في مصنفاتهم والتتبع في مطاوي كلماتهم ، إلى ان قال : ولنا في المقام كلام آخر يأتي بيانه في الأدلة العقلية» (١) انتهى كلام الفصول.
(أقول) : قد عرفت : ان صاحب الفصول قال بحكومة دليل الاشتغال على
__________________
(١) ـ الفصول الفردية : ص ٥٠.