والفارق بين ما نحن فيه وبين الشبهة الحكميّة من المسائل المتقدّمة التي حكمنا فيها بالبراءة ، هو أنّ نفس التكليف فيها مردّد بين اختصاصه بالمعلوم وجوبه تفصيلا وبين تعلقه بالمشكوك.
وهذا الترديد لا حكم له بمقتضى العقل ، لانّ مرجعه إلى المؤاخذة على ترك المشكوك ، وهي قبيحة بحكم العقل.
فالعقل والنقل الدالّان على البراءة ، مبيّنان لتعلّق التكليف لما عداه من أول الأمر في مرحلة الظاهر.
______________________________________________________
من الأجزاء المعلومة كذلك يجب الاتيان بما إذا شك في الثلاثين وفي غسل الجلدة الزائدة الذين هما من الأجزاء المشكوكة.
(والفارق بين ما نحن فيه) من الشبهة الموضوعية حيث قلنا بوجوب الاحتياط والاتيان بالأكثر فيها (وبين الشبهة الحكميّة) حيث قلنا بعدم وجوب الاحتياط والاتيان بالأقل فيها ، وذلك فيما مرّ (من المسائل المتقدّمة التي حكمنا فيها بالبراءة) من فقد النص أو اجماله أو تعارض النصين (هو) ما يلي :
(أنّ نفس التكليف فيها) أي : في الشبهة الحكمية (مردّد بين اختصاصه بالمعلوم وجوبه تفصيلا وبين تعلقه بالمشكوك ، وهذا الترديد لا حكم له بمقتضى العقل ، لانّ مرجعه) إذا قيل بوجوب الاحتياط فيه (إلى المؤاخذة على ترك المشكوك ، وهي) أي : المؤاخذة هنا (قبيحة بحكم العقل) والنقل.
وإنما تقبح المؤاخذة لانه كما قال : (فالعقل والنقل الدالان على البراءة ، مبيّنان لتعلق التكليف لما عداه) أي : لما عدا المشكوك في باب الشبهة الحكمية (من أول الأمر) وذلك (في مرحلة الظاهر) لانّه لما كان نفس المكلّف به من أول الأمر مرددا بين الأقل والأكثر ، حكم العقل والنقل بتعيّن الأقل من الأوّل تعيّنا ظاهريا ،