وفي هذا الاستدلال نظر ، لأنّ أدلّة نفي العسر والحرج من الآيات والروايات لا تدلّ إلّا على أنّ ما كان فيه ضيق على مكلّف ، فهو مرتفع عنه.
وأمّا ارتفاع ما كان ضيقا على الأكثر عمّن هو عليه في غاية السّهولة ، فليس فيه امتنان على أحد ، بل فيه تفويت مصلحة التّكليف من غير تداركها بالتّسهيل.
______________________________________________________
أفرج الماء بيدك ثم توضّأ ـ فانّ الدين ليس بمضيّق وان الله عزوجل يقول : (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (١)» (٢).
مضافا الى قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «بعثت بالحنيفية السهلة السمحة» (٣) وقول الامام عليهالسلام : «ان شيعتنا لأوسع ممّا بين ذه وذه ، وأشار بيده الى السماء والأرض» (٤) الى غيرها من الآيات والرّوايات.
(وفي هذا الاستدلال نظر ، لأنّ أدلّة نفي العسر والحرج من الآيات والروايات) وكذا الاجماع والعقل قد وردت في مقام الامتنان ، فهي (لا تدل الّا على انّ ما كان فيه ضيق على مكلّف ، فهو مرتفع عنه) وذلك لانه يتدارك بمصلحة التسهيل.
(وامّا ارتفاع ما كان ضيقا على الأكثر عمّن هو) اي التكليف (عليه في غاية السّهولة ، فليس فيه امتنان على أحد) لانّ رفع التكليف عن الذي لا عسر فيه عليه بلا تدارك ، لا امتنان فيه له ولا لغيره ، فانه ليس منّة على زيد لو رفع التكليف عن عمرو ، ولذلك قال : (بل فيه تفويت مصلحة التّكليف من غير تداركها بالتسهيل)
__________________
(١) ـ سورة الحج : الآية ٧٨.
(٢) ـ تهذيب الاحكام : ج ١ ص ٤١٧ ب ٢١ ح ٣٥ ، الاستبصار : ج ١ ص ٢٢ ب ١٠ ح ١٠ ، وسائل الشيعة : ج ١ ص ١٦٣ ب ٩ ح ٤٠٤.
(٣) ـ الكافي (فروع) : ج ٥ ص ٤٩٤ ح ١ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ١٥ ص ١٤٤.
(٤) ـ تأويل الآيات : ص ١٧٦ ، بحار الانوار : ج ٦٠ ص ٤٦ ب ٣٠ ح ٢٧ (بالمعنى).