والحدّاد والخطّاط معلوم عند العرف فمن له شدة قوة الاجتهاد هو الأعلم وغيره ليس بأعلم لا ان فتواه ليس بحجة نعم يختلف الأعلمية في المجتهدين في بعض الأوقات فان بعض المجتهدين يكون اعلم في تنقيح الكبريات كما نسب ذلك إلى المحقق الخراسانيّ (قده) وبعضهم في تطبيقها على الفروع كما نسب إلى السيد صاحب العروة الوثقى (قده) وربما يحصل الأعلمية بكثرة استنباط الفروع لحصول العرفان بما هو دخيل في حكم هذه المسألة من استنباط ساير المسائل كما ان سيدنا الأستاذ الأصفهاني قده كان كذلك فانه أجاب باعترافه خمسة ملايين من الاستفتاءات نعم كثرة الاستنباط مع قصور الباع في الكبريات بحيث يسقط فروع كثيرة من استنباطاته بإشكال من هو أعلم فيها لا تفيد فتحصل ان الإشكال كبرويا أيضا غير وارد فان رأي الأعلم اقرب إلى الواقع والعقل مستقل بوجوب متابعته الوجه الثاني من الدليل الاجتهادي وهو الروايات فمنها مقبولة عمر بن حنظلة (١) وفيها الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما في الحديث وأورعهما وما عن داود بن الحصين وفيه ينظر إلى أفقههما وأعلمهما بأحاديثنا وما عن موسى بن أكيل وفيه ينظر إلى أعدلهما وأفقههما في دين الله فيمضى حكمه وهذه الروايات وان كانت في صورة المنازعة في الحكم والقضاء ولكن القدماء بتنقيح المناط قد استدلوا بها لوجوب الأعلمية في بيان الأحكام ولا تختص بالموضوعات لأن السر في الرجوع إلى الأعلم في ذلك الباب هو كون نظره اقرب إلى الواقع لأنه أفقه خصوصا بملاحظة الإرجاع إلى سنده في الرواية كما ترى تفصيله في مقبولة ابن حنظلة فان الإرجاع إلى سند الحاكم يكون من جهة دخل الأفقهية فلا فرق بين الفتوى والحكم في ذلك.
__________________
(١) أقول ان الروايات الثلاثة في باب ٩ من أبواب صفات القاضي في الوسائل ج ١٨ ح ١ و ٢٠ و ٤٥.