الترتب ، فيعقل أن نفترض أن «طلوع الفجر» من قيود الاتصاف ، ولكن بنحو الشرط المتأخر ، بمعنى أن «طلوع الفجر» سبب فيما بعد ، في اكتساب صوم شهر رمضان ، بأنه من الآن هو ذو مصلحة على نحو الشرط المتأخر ، ولا ضير في ذلك ، لأن الوجوب قد فرضناه مقيّدا «بطلوع الفجر» ، لأنّ الوجوب إذا كان مقيّدا «بطلوع الفجر» ، وليس مطلقا من ناحيته ، فلا عيب ولا إشكال في أن يكون «طلوع الفجر» من قيود الاتصاف بنحو الشرط المتأخر ، كما يعقل أن يكون من قيود الترتب لا الاتصاف ، ولكنّه يكون مع هذا مأخوذا قيدا للوجوب بنحو الشرط المتأخر في حالة ما إذا فرض أنّ هذا القيد لم يكن مضمون الحصول عند المولى على كل حال ، فالمولى فرارا من التكليف بغير المقدور ، يأخذ «طلوع الفجر» قيدا للوجوب بنحو الشرط المتأخر ، لا لأنه دخيل في اتصاف الفعل بكونه ذا مصلحة ، إذ الفعل متّصف بكونه ذا مصلحة على الإطلاق ، لكن باعتبار أن هذا القيد من قيود الترتّب غير الاختيارية ، وهو غير مضمون الحصول بحسب الفرض ، فلا بدّ للمولى أن يأخذه قيدا في الوجوب ، لأننا قلنا : إنّ أخذ قيد قيدا للوجوب ، إمّا أن يكون باعتبار كونه من قيود الاتصاف ، وإمّا باعتبار كونه قيدا من قيود الترتب غير الاختيارية ، وغير مضمونة الحصول ، إذن فهذه الفرضية لا تتوقف على الأمر الثاني.
نعم هي تتوقف على الأمر الثالث ، وهو إمكان الشرط المتأخر كما هو واضح ، لأنّ هذا الوجوب قد فرضناه مشروطا «بطلوع الفجر» على نحو الشرط المتأخر.
وبهذا كانت الفرضية الثانية أوسع صدقا وعلاجا من الفرضية الأولى.
وقد علّق المحق الأصفهاني (١) في المقام ، حيث ذكر أن الفرضية الثانية يحتاج تصحيحها إلى تصحيح الفرضية الأولى ، وبدون ذلك لا تصح الفرضية الثانية ، أي : إنّه بدون تصحيح الواجب المعلّق ، لا يصح الواجب المشروط ،
__________________
(١) نهاية الدراية : الأصفهاني ج ١ ص ٣١٢ ـ ٣١٣ ـ ٣١٤ ـ ٣١٥.