وبهذا يظهر أن ما يحتاج إليه كلتا الفرضيتين هو الأمر الثالث فقط ، وهو تصحيح الشرط المتأخر ، إذ إنّ الواجب المعلّق يحتاج إلى تصحيح الشرط المتأخر بلحاظ القدرة ، بينما الواجب المشروط يحتاج إلى تصحيح الشرط المتأخر بلحاظ نفس «طلوع الفجر». وعليه ، فلا بدّ من أن يبنى على إمكان الشرط المتأخر لتصحيح الفرضية الأولى والثانية ، وقد عرفت سابقا أنّ الصحيح هو إمكان الشرط المتأخر ، بل يمكن القول ، بأنه لو قيل بامتناع الشرط المتأخر ببعض براهينه ، فإنه رغم هذا يقال : إنّ هذا الامتناع لا يسري إلى محل الكلام.
وتوضيح ذلك هو : إنّ امتناع الشرط المتأخر كان ، إمّا باعتبار أن الشرط المتأخر للوجوب ، يكون مؤثرا في اتصاف الفعل بكونه ذا مصلحة في الزمان السابق ، وحينئذ أشكل بأنه كيف يؤثر الشيء اللّاحق في اتّصاف الفعل بالمصلحة في الزمان السابق ، وإمّا باعتبار إشكال التهافت في اللحاظ في عالم جعل المولى ، كما ذهب إليه المحقق النائيني (١) لأن الشرط لا بدّ وأن يؤخذ مفروض الوجود. ومع كونه مفروض الوجود ، لا يكون متأخرا ، إذ سبقه في الوجود واللحاظ سابق على تأخره ، وجودا ولحاظا.
وحينئذ ، يجاب : إن كان برهان استحالة الشرط المتأخر هو الأول ، فيدفع بأن يقال : إنّ «طلوع الفجر» ليس من قيود الاتصاف بنحو الشرط المتأخر ليستشكل في أنه كيف يكون شرطا في اتصاف سابق عليه ، بل هو من قيود ترتب المصلحة بنحو القيد المقارن ، وإنما أخذه المولى شرطا متأخرا في الوجوب من باب ضيق الخناق ، لئلّا يلزم التكليف بغير المقدور ، إذن فهذا الشرط المتأخر ، ليست وظيفته إيجاد الملاك قبله ، وتوصيف الملاك قبله ، ليلزم تأثير المتأخر في المتقدم ، بل وظيفته حفظ الخطاب من أن يكون تكليفا بغير المقدور.
__________________
(١) فوائد الأصول : الكاظمي ج ١ ص ١٥٩ ـ ١٦٠ ـ ١٦١.