المفروض أن هذا الوجوب يطلب إعدام غير هذا العدم النّاشئ من عدم «طلوع الفجر» ، أو الناشئ من موت المكلّف أو شلله ، وطلب إعدام الأعدام الأخرى لا موجوب لجعله مشروطا بطلوع الفجر ، ولا بقدرة المكلّف حينه ، وهكذا ، لا يرد على هذا الجواب ، إشكال انفكاك الإرادة عن المراد الذي كان برهانا على استحالة الواجب المعلّق ، لأن المراد غير منفك عن الإرادة هنا ، إذ إنّ المراد ليس هو صوم نهار شهر رمضان ليقال : إنّ الإرادة انفكت عن المراد بسبب كون الإرادة وجدت عند الغروب ، والمراد وجد عند «طلوع الفجر» ، بل المراد هنا هو ، نفي الأعدام الأخرى ، ونفي الأعدام الأخرى عمليّة تبدأ من الآن ، لأن الأعدام الأخرى الآن ، يمكن نفيها واحدا بعد الآخر ، باعتبار أن الاغتسال الآن هو نفي لبعض تلك الأعدام ، فهو عملية تبدأ من الآن ، وتستمر إلى ذاك الزمان. وبهذا يتضح عدم لزوم انفكاك الإرادة عن المراد ، ولا محذور الشرط المتأخر.
والخلاصة هي : إنّه إذا التزم بوجوب فعلي مطلق متعلق من حين الغروب بنفي الأعدام الأخرى ، فمن الواضح أن الغسل يكون مقدّمة لواجب فعلي مطلق حينئذ ، ويكون وجوبه على القاعدة.
٤ ـ الجواب الرابع : عن شبهة المقدمات المفوتة ، وهذا الجواب يعترف بأنّ «طلوع الفجر» من قيود الاتصاف ، وليس من قيود الترتب ، ويعترف بأنه شرط في الوجوب بنحو الشرط المقارن ، لكن صاحب هذا الجواب يقول : إنّ الوجوب المشروط لا يكون فعليا إلّا بعد وجود شرطه ، فهو مجعول على نهج القضية الحقيقية ، فكما أن الحرارة لا توجد إلّا بعد وجود النار عند عقد قضية ، «كل نار حارة» فكذلك الوجوب المشروط ، لا يوجد إلّا بعد وجود شرطه.
لو قلنا بهذا ، حينئذ ، يحصل الإشكال في المقدمات المفوتة ، ذلك لأن المقدمات المفوتة وجبت قبل الشرط ، مع أن وجوب الصوم مشروط «بطلوع الفجر» ، وكل وجوب مشروط ، لا فعلية له قبل وجود شرطه ، وإذا لم يكن