للوجوب المشروط فعليّة قبل وجود شرطه ، يرد الإشكال حينئذ فيقال : إنّه كيف ترشّح منه وجوب فعلي غيريّ على المقدمات المفوتة؟.
ولكن صاحب هذا الجواب يبني على مسلك المحقق العراقي (١) فيجيب : بأن الوجوب المشروط فعلي قبل وجود الشرط خارجا ، كما ذكر المحقق العراقي (٢) من أن وجود الوجوب فعلي قبل الشرط ، لكن وجودا تقديريا بالوجود اللحاظي والتقديري للشرط ، وهو ثابت فعلا بنفس لحاظ المولى وتقديره ، لا الوجود الخارجي للشرط ، فوجوب الحج المشروط بالاستطاعة ، ليس منوطا بالاستطاعة خارجا ، بل منوط بالوجود اللحاظي والتقديري للاستطاعة في ذهن المولى ، وحيث أن اللحاظ والتقدير موجودان فعلا من أول الأمر ، إذن فالوجوب فعلي من أول الأمر قبل الشرط ، وحينئذ لا محذور في ترشح الوجوب الغيري على المقدمات ، ما دام وجوب ذي المقدمة وجوبا فعليا.
وهذا الكلام غير تام ، وذلك لأن هذا الوجوب الفعلي قبل وجود الشرط ، إمّا أنه محرّك نحو متعلقه ، أو أنه غير محرّك نحوه. ومن الواضح ، أنه غير محرّك نحو متعلقه رغم فعليّته ، باعتبار أن إناطته بالوجود التقديري للاستطاعة ، يوجب إناطة فاعليته ومحركيته بالوجود الخارجي للاستطاعة ، ولهذا لا يكون محركا.
ومن هنا نستفيد قاعدة ، وهي : إنّ كل وجوب منوط بافتراض شرط ، يكون فعليّته تابعة لوجود المفترض خارجا ، أي الشرط خارجا.
وبناء على هذا يقال : بأن وجوب الصوم ، وإن كان فعليا قبل وجود الشرط ، لكن هذا الوجوب الفعلي منوط بافتراض الشرط وبتقديره ، فإذا ترشّح منه وجوب غيري على المقدمات ، فلا محالة يكون الوجوب الغيري تبعا
__________________
(١) بدائع الأفكار : العراقي ج ١ ص ٣٤٠ ـ ٣٤١ ـ ٣٤٢ ـ ٣٤٦.
(٢) المصدر السابق.