لإناطة الأصل ، منوطا بافتراض الشرط وتقديره ، لأن الوجوب الغيري تابع في وجوده للوجوب النفسي ، لكن على نحو إناطة الوجوب النفسي ، أي منوط بتقديره وافتراضه ، وحيث أن هذه الإناطة تستتبع إناطة فاعلية الوجوب بتحقق الشرط خارجا ، وهو «الطلوع» ، إذ قبل الطلوع لا فاعلية لهذا الوجوب الغيري ، إذن فنقع في الإشكال من جديد ، وهو أنه كيف يتسجّل وجوب الإتيان بالمقدمات المفوتة بحيث يؤاخذ من لا يأتي بها ، مع أنه لا فاعليّة لهذا الوجوب قبل الطلوع.
وبعبارة أخرى ، هو : إننا إذا سلّمنا بأن الوجوب المشروط فعليّ قبل وجود الشرط ، وسلّمنا بأن هذا الوجوب الفعلي يترشّح منه وجوب غيري باعتبار فعليته ، إلّا أن هذا الوجوب الغيري المترشح ، تابع للوجوب النفسي وجودا وجعلا ، فيكون مربوطا بما يكون الأصل مربوطا به ، فكما أن الوجوب النفسي مربوط بتقدير «طلوع الفجر» ، فأيضا يكون الوجوب الغيري المترشح منه ، متقيدا بوجود هذا القيد ، وهو «الطلوع» ، وهذه الإناطة كما تؤثر في الوجوب النفسي ، في عدم فاعليته إلّا بعد تحقق الشرط خارجا ، فهي كذلك تؤثر في عدم فاعلية الوجوب الغيري إلّا بعد تحقق الشرط خارجا.
والحقيقة أنّ تابعية فاعلية الوجوب المشروط لوجود الشرط خارجا هذا ليس أمرا جزافا تحقّق بالصدفة ، وإنما هو من باب أن الوجوب المشروط ليس وجوبا فعليا ، بل هو وجوب تقديري ، نعم الوجوب التقديري موجود بالوجود الفعلي كما تقدم أنه في باب الاعتباريات يعقل أن يكون الأمر التقديري موجودا بوجود فعلي ، بخلاف باب التكوينيّات ، فإنه فيها لا يعقل أن يكون الأمر التقديري موجود بوجود فعلي.
فإن أردتم أنّ الوجوب المشروط فعلي ، لكي يترتب عليه أنّ الوجود فعلي ، فإننا نسلّم بذلك ، لكن الموجود بهذا الوجود الفعلي ليس فعليا ، بل هو تقديري أي : إنّ الوجود التقديري موجود فعلا ، وحيث أنه تقديريّ ، لم يكن له فاعلية إلّا حين صيرورته فعليا.