لتنجيز الإتيان بالمقدمات المفوتة ، لأن العقل كما يحكم بوجوب تحصيل الواجب المولوي الشرعي ، كذلك يحكم بوجوب تحصيل الملاك المولوي الشرعي الذي تصدّى المولى لإبرازه بالقدر الممكن ، والمفروض أنّ القدر الممكن من الإبراز تحقّق في المقام. لكن لا بجعل الوجوب ، بل بالإخبار عن فعلية هذا الملاك وهذه الإرادة من حين الغروب.
وبهذا تتمّ منجزيّة هذا الملاك والإرادة ، ويحكم العقل بلزوم المقدمات المفوتة ، بل يمكن القول : بأنه يترشح الوجوب الشرعي الغيري على المقدمات المفوتة حينئذ ، وذلك لأن الكلام المشهور القائل : بأن الوجوب الغيري معلول للوجوب النفسي ، وتابع له ، هذا الكلام لا يكون له أساس ، وفي الحقيقة أنهما معا معلولان لعلة ثالثة وهي الملاك ، فإن الملاك بنفسه يولّد ، أولا وبالذات وجوبا لذي المقدمة ، ويولّد بلحاظ المقدّميّة وجوبا للمقدمة ، فالوجوب المقدمي الغيري الشرعي ، والوجوب النفسي ، كلاهما ينشآن من فعليّة الملاك ، لا إنّ أحدهما ينشأ من الآخر.
والمفروض في المقام ، أن الملاك فعلي من أول الغروب ، غاية الأمر ، إنّ هذا الملاك لا يمكن للمولى أن يجعل الوجوب النفسي على أساسه ، احترازا من الوقوع في المعلّق ، والمشروط بالشرط المتأخر. لكن يمكنه أن يجعل الوجوب الغيري على أساسه ، لأنه لا يقع في محذور المعلّق ولا المشروط بالشرط المتأخر ، وعليه فيترشح من الملاك وجوب غيري أيضا يتعلق بالمقدمة المفوتة ، وهذا جواب تام في نفسه.
والحاصل : إنّ «طلوع الفجر» ، الشرط المتأخر ، في المقام ، إذا فرض أنه من قيود الترتب لا الاتصاف ، فالملاك والإرادة فعليّان من أول الأمر ، وقبل تحقق الشرط.
غاية الأمر ، أنه لا يمكن للمولى أن يجعل الوجوب النفسي على أساسه فعلا ، احترازا من الوقوع في محذور الواجب المعلّق ، والمشروط المتأخر ، إلّا أنه يمكنه ذلك ، ولو عن طريق الإخبار عن فعليّة الملاك والإرادة عنده ،