تحقيق الملاك ، إذن فيكون قد صدر منه تفويت الملاك في ظرفه ، وهذا لا يجوز عقلا ، ببيان أمرين :
أ ـ الأمر الأول : هو أن التفويت الاختياري للملاك الملزم الذي تصدّى المولى للتحريك نحوه بالقدر الممكن له ، هذا التفويت قبيح ، كالتفويت الاختياري للخطاب الملزم.
ب ـ الأمر الثاني : هو أن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار ، فالمكلّف الذي ترك غسل الجنابة قبل الطلوع ، فهو حين الطلوع ، وإن كان عاجزا عن الصوم الصحيح ، لكن هذا العجز حيث أنه نشأ بالاختيار لترك الغسل ، فهو لا ينافي الاختيار ، إذن فهو تفويت اختياري ، بقانون أن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار من ناحية ترتب المسئولية والمؤاخذة.
وبضم هذين الأمرين أحدهما إلى الآخر ، يثبت أن هذا المكلّف يستحق العقاب ، لأنه فوّت على المولى الملاك الملزم في ظرفه ، تفويتا اختياريا ، وكل من فوّت الملاك الملزم في وقته ، تفويتا اختياريا ، يستحق العقاب.
أمّا الكبرى فقد بيّناها في الأمر الأول ، وأمّا الصغرى ، وهي أن المكلّف قد فوّت تفويتا اختياريا ، فقد بيّناها في الأمر الثاني ، فيستحق العقاب من هذه الناحية.
وهذا الجواب صحيح ، لكن بعد فرض عدم تمكّن المولى من حفظ هذا الملاك بحافظ آخر من وجوب معلّق ، أو مشروط بالشرط المتأخر ، أو غيره ليكون ملاكا قد أبرزه المولى بالقدر الممكن ، وإذا لم يمكن حفظه إلّا من هذه الناحية يكون تفويته لحفظه من هذه الناحية قبيحا لا محالة.
وهذا ما اختاره المحقق النائيني (١) والخوئي (٢) ، وإن اختلفا في أنه : هل
__________________
(١) فوائد الأصول : الكاظمي ج ١ ص ١٦٢ ـ ١٦٣.
(٢) أجود التقريرات : الخوئي ج ١ هامش ٢٣١ ـ ٢٣٢.