والتحقيق ، هو : إنّ الصحيح هو ما ذهب إليه المحقق النائيني ، من استكشاف خطاب شرعي متعلق بوجوب المقدمات المفوتة ، منشؤه نفس الملاك المولوي ، وليس قانون الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع ، حتى يرد ما أورده السيد الخوئي ، فإنه بعد أن كان للمولى ملاك في «صوم نهار شهر رمضان» ، منوط «بطلوع الفجر» ، وهذا الملاك سيصبح فعليا عند طلوع الفجر على كل حال ، سواء اغتسل الجنب ، أو لم يغتسل ، فإنه لا بدّ من حفظه تشريعيا.
ومن الواضح أن خطاب إذا طلع الفجر «فصم» لا يكفي لحفظ ملاكه ، لأن هذا الخطاب المشروط منوط بالقدرة ، والمكلّف الجنب إذا لم يغتسل قبل الطلوع ، سوف يصبح عاجزا عن الصوم عند الطلوع ، فلا يتوجه إليه هذا الخطاب ، فهو إذن عاجز عن حفظ الملاك ، فيحتاج المولى لحفظ غرضه وملاكه ، إلى خطاب آخر ، حتى لو حاول المكلّف تفويت القدرة ، عن طريق ترك المقدمات المفوتة ، فيجعل خطابان ، وبمجموعهما يحفظ الملاك.
وبهذا يظهر : إن الخطاب الثاني ، يستكشف ضمنيا من باب استكشاف المعلول من علته وهو الملاك ، لا أنه مستكشف من حكم العقل حتى يرد عليه ما أورد السيد الخوئي من التمييز في الأحكام العقلية.
كما أنه يظهر بما ذكرنا ، أنه لا مجال لإشكال اللّغوية في الخطاب الثاني ، لأن غرض المولى لا يحفظ إلّا بمقدار ما يتصدّى المولى لحفظه ، ولا فرق بين هذا الخطاب ، وخطاب «صم» فإنّ كليهما ينشآن من منشأ واحد هو الملاك النفسي ، وكلا منهما يحفظ حيثية من حيثيات الملاك ، فكما أن الخطاب المشروط لا يكون لغوا ، كذلك هذا الخطاب لا يكون لغوا باعتبارهما حافظين تشريعيين لملاك واحد ، ولحيثيّتين فيه ، إذ لو لا الحفظ التشريعي هذا لم يجب على العبد أن يتحرك ، إلّا بمقدار تحرك المولى للحفظ التشريعي.