وبتمام الجواب السادس على مشكلة المقدمات المفوتة ، نكون قد استعرضنا جميع أجوبة المحقّقين من الأصحاب ، وفق المنهج الذي ساروا عليه في بحث هذه المشكلة.
والرابع من هذه الأجوبة الستة المبني على دعوى : إنّ الوجوب المشروط فعلي قبل وجود شرطه ، فيترشّح منه وجوب غيري على المقدمات ، هذا الجواب ساقط كما تقدّم ، وتبقى خمسة أجوبة معقولة على مستوى منهج البحث الدائر بينهم ، فإنهم قد بحثوا بينهم المقدمات المفوّتة بلحاظ الأوامر والأغراض التشريعيّة ، كما لو كانت تختصّ بها.
مع أنّ الصحيح ، أنّ البحث عن هذه المشكلة ، لا تختص بذلك ، بل تجري في الأغراض التكوينية أيضا ، كما سوف يعرف.
والتحقيق في المقام ، هو تغيير منهج البحث ، إلى منهج يتّضح به حال هذه الوجوه الخمسة ، وكيف ينبغي أن تصاغ في مقام الجواب على شبهة المقدّمات المفوّتة فيقال :
إن شبهة المقدمات المفوتة ، وفرض وجود مقدمات للمطلوب قبل مجيء زمانه ، بحيث لو لم يؤت بتلك المقدمات لتعذّر الإتيان بالمطلوب في وقته ، هذه الشبهة ، لا تختص بخصوص المطلوب التشريعي الذي يكون مطلوبا للمولى من الغير ، بل تشمل المطلوب التكويني ، والمحبوب التكويني الذي يكون مطلوبا للمولى من نفسه ، فإنه كثيرا ما يكون هناك محبوب تكويني للإنسان ، مشروط بزمان استقبالي ، والمكلّف يتهيأ قبل مجيء زمان مطلوبه لإعداد مقدماته ، لأنه يعلم بأن المقدمات لا تتيسّر له في ظرفه شأن أي عاقل ، ولنفرض أنّ هذا المطلوب التشريعي مطلوب تكويني ويشتاق إليه المولى شوقا تكوينيا ، حينئذ نسأل :
هل إنّ المولى يهيّئ المقدمات المفوتة لمحبوبه أو لا يهيّئ؟ فإن فرض أنه لا يهيّئ المقدمات المفوتة بنفسه ، ولا يهتم بإعدادها حتى يفوت عليه