غرضه حين يجيء ظرفه ، إذن فالمقدمات المفوتة في الأغراض التشريعية غير واجبة على المكلف ، لأن العبد ، بمقتضى عبوديته ، ينبغي أن يتحرك بمقدار ما يتحرك المولى نفسه نحو أغراضه التكوينية ، والمفروض عدم تحرك المولى نحو هذا الغرض تكوينيا ، إذن فلا يجب على العبد أن يتحرك نحو هذا الغرض إذا كان مطلوبا تشريعيا ، إذ لا معنى لأن يهتم العبد بغرض للمولى في مورد لا يهتم المولى نفسه بغرضه إذا كان يريده بالإرادة التكوينية ، إذ ليس التشريع إلّا من أجل جعل المكلّف كالمولى في التصدّي لأغراضه ، والمفروض في المقام أن المولى لم يتحرك تكوينيا نحو غرضه ، فالعبد أولى بعدم التحرك ، لأن العبد ليس أشدّ اهتماما من نفس مولاه بأغراض مولاه.
وبعبارة أخرى ، هي : إنّ المولى إذا كان في مطلوبه التكويني لا يتحرك نحو المقدمات المفوتة ، قبل مجيء ظرف مطلوبه ، إذن فهو لن يتحرك لطلبها وحفظها ، تشريعا في باب المطلوبات التشريعية ، لأن حفظ المقدمات المفوتة في باب المطلوب التكويني ، معناه ، إيجادها قبل الوقت ، وحفظها في باب المطلوب التشريعي ، هو بالأمر بها قبل الوقت ، فإن كان المطلوب التكويني الاستقبالي للمولى ، لا يحرّكه لحفظه عن طريق إيجاد مقدماته ، إذن فلا يحرّكه مطلوبه التشريعي الاستقبالي ، لحفظه عن طريق حفظ مقدماته المفوتة تشريعا ، إذن فلا تجب المقدمات المفوتة.
وإن فرض ، كما هو الواقع ، إن المولى يهيّئ ويتحرك في موارد المطلوبات التكوينية ، قبل مجيء وقتها ، حفاظا عليها في حينها ، حينئذ لا بدّ لنا من التفتيش عن نكتة ذلك ، لكي تكون نفس هذه النكتة المقتضية لتحرّك المولى نحو إيجاد المقدمات المفوّتة تكوينا ، في موارد المطلوبات الاستقبالية التكوينية ، هي نفسها هذه النكتة تكون نكتة مقتضية التحرك من المولى لحفظ مطلوبه التشريعي الاستقبالي بما يناسبه من الإيجاب والإلزام بمقدماته المفوتة له لو لم يتحرك.
وإذا عرفنا مفتاح المسألة ، حينئذ نرجع إلى الوجوه الخمسة المزبورة