أن جعل الوجوب سابقا بهذا الاعتبار ، هو بنفسه تحفّظ تكويني من المولى على المقدمات المفوتة لغرضه التشريعي الذي لم يتحقق شرط الاتصاف به بعد.
بينما نحن الآن نتكلم في كيفية تحفظ المولى على المقدمات المفوتة لغرضه التكويني ، لا أنّ العبد كيف يتحفّظ ويتصدّى ، إذ إنّ المولى لأنه يعلم بأنه عند ما يصلي صلاة الليل ، ليلة الأحد ، سوف يحتاج إلى صوم نهار السبت السابق ، من أجل ذلك فهو يتحفظ ويجعل وجوب صوم يوم السبت من أول الأمر ، وقبل مجيء ليلة الأحد ، وقبل أن يحدث الملاك والشوق ، إذ إنهما إنما يحدثان بحسب هذا الفرض ، عند صلاة ليلة الأحد لا قبله ، إذ قبله لا احتياج ولا شوق ولا ملاك ، لكن لأنّ المولى يعلم بحدوثهما فيما بعد ، لأجل ذلك يحكم بوجوب صوم يوم السبت من أول الأمر.
وهذا بنفسه تحفظ تكويني من قبل المولى على المقدمات المفوتة لغرضه التشريعي الذي لم يتحقّق شرط الاتصاف به بعد.
إذن فهذا الجواب الثاني لا يكون صحيحا ، ولا يلامس روح الإشكال في المقدمات المفوتة ، كما أن الجواب الأول والثالث والخامس ، لم يكن واحدا منها صالحا لحل المشكلة.
وأمّا الجواب السادس ، القائل : بأنّ العقل يحكم على العبد بالتحفظ على الملاك الفعلي الاستقبالي للمولى ، بالإتيان بالمقدمات المفوتة ، لئلّا يلزم من عدم ذلك تفويت غرض المولى ، فإنّ هذا لجواب ، لا يعالج المشكلة.
وذلك لأننا قبل أن نفرض عبدا وعبودية وعقلا يحكم بوجوب الامتثال ، فنحن نتكلم عن نفس المولى بما هو إنسان بينه وبين نفسه ، بلا عقل يحكم عليه بوجوب الامتثال ، فنقول :
إن هذا المولى نفسه لو صار في هذا الموقع ، فهل كان يأتي بالمقدمات أو لا؟.