لا قيد اتصاف ، ولا إشكال في أن المقدمات المفوتة لا بدّ من حفظها حتى لو كان القيد المتأخر قيد اتصاف لا قيد ترتب.
كما أن المسلك المنسوب إلى الشيخ الأعظم (١) الأنصاري «قده» في باب الواجب المشروط ، القائل بأن قيود الاتصاف كقيود الترتب ، أي أنها كلها قيود في المراد لا قيود في الإرادة ، هذا المسلك أيضا يمس روح المشكلة ، إذ لو صحّ هذا المسلك ، وصحّ أنّ قيود الاتصاف كقيود الترتب كلها قيود في المراد لا في الإرادة ، حيث تكون حينئذ الإرادة فعليّة قبل قيد الاتصاف. كما هي فعلية قبل قيد الترتب ، ومعه تكون هذه الإرادة هي المحركة نحو المقدمات المفوتة.
ولكن هذا المسلك تقدّم بطلانه بتوضيح أن قيود الاتصاف يختلف حالها في عالم الشوق والإرادة ، عن قيود الترتب ، كما يختلف حالها عنها في عالم الملاك نفسه ، فإن قيود الترتب قيود للمراد ولكن قيود الاتصاف قيود في نفس الإرادة كما برهنّا على ذلك سابقا.
وكذلك المسلك المنسوب إلى المحقق العراقي (٢) في عالم الإرادة ، من أن الظرف الاستقبالي الذي هو قيد للاتصاف هو قيد للإرادة لا للمراد ، ولكنه قيد بلحاظه وتصوره ، لا بوجوده الخارجي الواقعي ، والوجود اللحاظي فعلي من أول الأمر حيث أن الإنسان بمجرد أن يتصوّر العطش يريد الماء ، فإرادة الماء منوطة بالعطش ، والعطش قيد للإرادة ، لكن بوجوده اللحاظي التصوري لا الخارجي التصديقي.
وهذا المسلك ، يعني أن الإرادة فعليّة قبل وجود العطش خارجا ، لأنها دائرة مدار تصور العطش ، وأيضا يعني هذا المسلك أن هذه الإرادة الفعلية قبل وجود العطش ، فاعليتها تامة من سائر الجهات إلّا من جهة ذلك القيد الذي
__________________
(١) مطارح الأنظار : الأنصاري ص ٤٣ ـ ٦٥.
(٢) مقالات الأصول : ج ١ ص ١٠٨ ـ ١٠٩ ـ ١١٠.