الفعل بكونه ذا مصلحة ، بحيث أنه لا حاجة مع العجز ، أي إنّه مع العجز لا يكون الفعل متصفا بكونه ذا مصلحة أصلا ، وأخرى يفرض أن القدرة في ذلك الظرف ليست دخيلة في الاتصاف ، وإنما الاتصاف تابع لتحقق قيد العطش ، فمتى تحقّق قيد العطش اتصف شرب الماء بالمصلحة سواء أكان هذا المكلّف قادرا على أن يشرب الماء ، أو لم يكن قادرا على أن يشرب الماء.
فإن فرض أن القدرة في ظرف العطش دخيلة في اتصاف الفعل بكونه ذا مصلحة ـ وهو فرض غير مطابق للواقع بالنسبة إلى شخص هذا المثال ، وإن كان قد يتفق مطابقته للواقع بالنسبة إلى فرض آخر من الفروض.
حينئذ إذا كانت دخيلة ، فهذا الإنسان سوف لن يهيّئ الماء من الآن ، لأنه لا يفيده من الآن ، أي إنّه لا يهتم في إعداد المقدمات المفوتة ، لا في الفرض التكويني ، ولا التشريعي.
غاية الأمر أنه سوف يعجز في المستقبل عن شرب الماء ، والمفروض أنه عند العجز لا ملاك ، وإنّ اتصاف الفعل بكونه ذا مصلحة ، فرع أن يكون قادرا ، والمفروض أنه ليس قادرا في ظرف العطش ، إذن فمثله سوف لن يهيّئ الماء قبل الوقت إذ لا يفوت عليه شيء بذلك.
وإن فرض أن القدرة غير دخيلة في اتصاف الفعل بكونه ذا مصلحة ، وأن تمام الدخيل في اتصاف الفعل في كونه ذا مصلحة ، هو نفس قيد العطش ، سواء أكان قادرا أو عاجزا ، وحينئذ يكون لهذا الإنسان إرادتان بحسب الحقيقة.
أ ـ إحداهما إرادة مشروطة : وهي إرادة شرب الماء ، فإنها مشروطة بالعطش ، والعطش قيد الاتصاف بالنسبة إليها ، فهي ليست فعليّة في حال عدم العطش ، وإنما تكون فعلية عند العطش.
ب ـ وثانيتهما إرادة مستترة : وراء تلك الإرادة المشروطة ، بل وراء كل إرادة مشروطة ، كما تقدّم وبيّناه في بحث المطلق والمشروط ، وهذه الإرادة