مطلوبا تشريعيا ، وصار مطلوبه التشريعي شرب عبده للماء ، لا شرب نفسه ، فهنا أيضا يوجد إرادتان تشريعيتان : إرادة لشرب الماء بالخصوص ، وهي إرادة مشروطة ، وإرادة للجامع ، وهذه الإرادة هي التي تكون فعليّة قبل وجود العطش «الشرط» وقبل تحقّق قيد الاتصاف ، وهذه الإرادة الفعليّة ، هي التي تحرّك المولى نحو حفظ المقدّمات المفوتة حفظا تشريعيا ، عن طريق جعل خطاب ينجّز هذه المقدمات المفوتة ، فتتنجّز هذه المقدمات المفوتة على العبد بهذا الحفظ التشريعي لها من قبل المولى.
والحاصل إنّ هذا التحريك يختلف باختلاف المتحرّك نحوه ، ففي المطلوبات التكوينية ، يتمثّل التحريك بأن يدّخر المولى نفسه الماء ، وفي المطلوبات التشريعيّة يتصدّى المولى لحفظها بجعل خطاب ، ويحفظ مطلوبه بنحو من الحفظ ، وذلك بإن يجعل وجوب الصوم ثابتا من حين الغروب ، فيكون هذا حافظا تشريعيا للمقدمات المفوتة ، أو أن يجعل الوجوب من «طلوع الفجر» ، وينشئ خطابا آخر ، فيكون أحد الخطابين ، «صم» إذا «طلع الفجر» ، والآخر «اغتسل» إذا «طلع الفجر».
فالخلاصة والنكتة في حل المشكلة هي : إنّه يوجد إرادة فعليّة متعلقة بالجامع ، تكون هي المحركة لحفظ المقدمات المفوتة تكوينا وتشريعا ، لأنّ روح النكتة هذه واحدة فيهما.
وحيث أنه انتهى الكلام إلى افتراض إرادتين في موارد الواجب المشروط : إرادة شرب الماء المشروطة «بالعطش» ، وإرادة متعلقة بالجامع «أن لا يعطش عطشا لا ماء معه» حينئذ ينقدح تساؤل يتعلق بهاتين الإرادتين ، بعد أن كانت إحدى هاتين الإرادتين ، المتعلقة بشرب الماء مشروطا بالعطش إرادة تعيينيّة ، والأخرى المتعلقة بالجامع وهو «أن لا يعطش عطشا لا ماء معه» إرادة تخييرية.
وهذا التساؤل هو : هل إنّ هذه الإرادة المشروطة المتعلقة بشرب الماء عند العطش ، هل هي تطور لنفس تلك الإرادة الثابتة من أول الأمر ، بمعنى