عليه تعلّم أحكام الحج ، أو لا ينجز عليه ذلك؟. قد يتمسّك في المقام أيضا بالاستصحاب الذي تمسّك به في الصورة السابقة ، وهو هنا استصحاب عدم الابتلاء الاستقبالي بالاستطاعة ، وعدم تحقّق الاستطاعة بالنسبة إليه ، إذ إنّ الاستصحاب كما يجري بالنسبة إلى الأمور الماضية ، يجري أيضا بالنسبة إلى الأمور الاستقبالية ، فيجري في حقه استصحاب عدم الابتلاء فيما يأتي.
وقد استشكل في إجراء هذا الاستصحاب بعدة إشكالات :
١ ـ الإشكال الأول : هو ما ذكره السيد الخوئي «قده» (١) من أن كون المورد والواقعة طرفا لعلم إجمالي دائما ، فإن الإنسان ، وإن كان لا يعلم بأنه سوف يستطيع بالخصوص ، لكن يعلم إجمالا بإنه سوف تحدث له بعض الوقائع ، إمّا الاستطاعة ، أو النصاب الزكوي ، أو الفائدة في الخمس ، أو وقوع شربه مع بعض النجاسات ، وهكذا تقع له بعض الوقائع التي لها أحكام ، والتي إذا لم يتعلمها الآن من باب استصحاب عدم ابتلائه بتمام هذه الأطراف ، حينئذ سوف يبتلي بالمخالفة القطعية في جملة من تلك الأحكام.
فالواقعة وإن كانت بخصوصها مشكوكة الابتلاء بها ، لكن العلم الإجمالي بالابتلاء في جملة منها ، حينئذ يوجب تعارض الاستصحابات ، ومع تعارضها يكون العلم الإجمالي منجزا.
وهذا الكلام غير صحيح لفرض انحلال العلم الإجمالي وذلك لأمرين :
أ ـ الأمر الأول : هو أنه كثيرا ما يتفق أن يعرف الإنسان ما هي الوقائع القريبة الوقوع في حياته ، بحسب مناسباته وأوضاعه وظروفه ، إذ قد يحدث أن يعلم الوقائع التي سوف تقع له في ضمن هذا النطاق ، وإن كانت بقيّة الوقائع وفي نطاقات أخرى بعيدة عن وضعه الحياتي ، قد لا يحصل له حتى العلم الإجمالي بها ، فمثلا العلم الإجمالي بأنه سوف يحصل له وقائع بالجملة في
__________________
(١) محاضرات فياض : ج ١ ص ٣٧٣.