فيقدّم عليه بملاك الأقوائية ، فقد اعترض عليه المحقق (١) الخراساني «قده» بأنه لا موجب لأقوائية الإطلاق الشمولي على البدلي لأنهما معا كانا بمقدمات الحكمة وبالإطلاق الحكمي ، وما داما هكذا لا موجب لتقديم أحدهما على الآخر.
نعم لو كان أحدهما بالعموم الأداتي «ككل وجميع» ، والآخر ، بالإطلاق الحكمي لصحّ تقديم العموم الأداتي على الحكمي بدعوى الأقوائية كما لو قال ، «لا تكرم أيّ فاسق وأكرم عالما» ، حينئذ إطلاق «أكرم عالما» إطلاق بدلي حكمي وإطلاق «لا تكرم أيّ فاسق» إطلاق شمولي أداتي ، فهنا يقدّم الشمولي على البدلي ، لكن ليس لأن هذا شمولي وهذا بدلي ، بل لأن هذا أداتي وذاك حكمي ، ولهذا لو فرض أن الإطلاق البدلي كان أداتيا والشمولي كان حكميا لانقلب المطلب ، وتقدّم البدلي على الشمولي ، كما لو قال «أكرم أيّ عالم شئت» ثم قال «لا تكرم الفاسق» ، فالأول إطلاق بدلي أداتي ، والثاني شموليا حكميا ، فهنا يقدّم الإطلاق البدلي على الشمولي ، لأنه أداتي ، إذن فمتى ما كان كل من الشمولي والبدلي مستفاد من مقدمات الحكمة فلا موجب لتقديم أحدهما على الآخر.
وقد ذكرنا في بحث «التعادل والتراجيح» أن الشمولية والبدلية ليست مدلولة لمقدمات الحكمة ، وإنما مفاد مقدمات الحكمة شيء واحد في موارد المطلقات الشمولية والبدلية ، وإنما الشمولية والبدلية تكون بالقرينة العقلية الأخرى لا بمقدمات الحكمة.
ومجمل القول في ذلك ، هو أنّ تمام وظيفة مقدمات الحكمة هو إثبات أنّ تمام مدلول الكلمة هو تمام ما هو في الواقع ، أي أصالة التطابق بين مدلول الكلام وبين تمام المرام ، وهذا المطلب لا فرق فيه بين مدلول الهيئة ومدلول المادة ، فإنّ ما يثبت بمقدمات الحكمة في جانب الهيئة هو أن مدلول الهيئة
__________________
(١) كفاية الأصول : مشكيني ج ١ ص ١٦٩.