محصورة ، لأنه يعلم إجمالا حينئذ بواجب نفسي هو : إمّا «الوضوء» وأمّا أحد تلك الأمور الكثيرة التي يحتمل كون الوضوء مقدمة لها.
والتحقيق على ما تقدّم في أبحاث العلم الإجمالي هو : إنّ العلم الإجمالي ، إذا كان على نحو الشبهة غير المحصورة ، فلا يكون منجزا حتى لحرمة المخالفة القطعية ، فضلا عن وجوب الموافقة القطعية ، فتجري أصالة البراءة عن جميع أطراف هذا العلم الإجمالي بما فيها أصل البراءة عن الوجوب النفسي للوضوء أيضا ، بل حتى أنه يجوز ترك الوضوء أيضا.
وهنا لا يقال : إن ترك الوضوء يؤدي إلى المخالفة القطعية.
على أيّ حال ، لا يقال ذلك ، لأنه بعد أن فرضنا أن هذا العلم الإجمالي غير منجز ، حينئذ ، تجري الأصول في كل الأطراف بدون معارضة.
الصورة الرابعة : هي أن يفرض أن الوضوء إمّا واجب نفسي ، وإمّا واجب غيري للصلاة المعلوم وجوبها على أي حال ، بقطع النظر عن الوضوء ، بحيث لو كان الوضوء واجبا نفسيا ، إذن لاجتمع علينا واجبان نفسيان : أحدهما الصلاة ، والآخر الوضوء.
وبعبارة أخرى : إن هذه الصورة هي نفس الصورة الثانية مع اختلاف من حيث أن الواجب الآخر ثابت على كل حال ، سواء أكان الواجب الأول نفسيا ، أو غيريا وقيدا للواجب الآخر كما في الصلاة لغير الحائض ، أو الحج للمستطيع.
وهنا ذكر المحقق النائيني «قده» (١) ، أن أصل وجوب الصلاة هنا معلوم ، وأصل وجوب الوضوء معلوم أيضا ، وإنما الشك أن الصلاة هل هي متقيدة بالوضوء ـ وهو معنى الواجب الغيري ـ أو غير متقيّدة بالوضوء؟ وعليه فتجري أصالة البراءة عن الوجوب الضمني لتقيّد الصلاة بالوضوء ، ولا يعارض
__________________
(١) أجود التقريرات : الخوئي ج ١ ص ١٧٠.