بأصالة البراءة عن وجوب الوضوء ، لأنّ وجوب الوضوء معلوم على أيّ حال. ومعنى هذا أنّ كلا من الصلاة والوضوء واجب نفسي ، وبإمكان المكلّف إيقاع أيّ منهما قبل الآخر.
وقد استشكل في ذلك السيد الخوئي «قده» (١) ، حيث ذكر أنه في محل الكلام ، وإن كان الوضوء معلوم الوجوب ، إمّا غيريا ، وإمّا نفسيا ، ولكن واجبيّته الغيرية ليس لها أثر عقلا ، وإنما الأثر العقلي والتنجّز للواجبية النفسية.
إذن فيتشكل علم إجمالي في المقام ، إمّا بالوجوب النفسي للوضوء ، وإمّا بوجوب التقيّد ، وحينئذ يكون الوجوب النفسي للوضوء منشأ لاستحقاق العقاب على تركه ، ويكون الوجوب النفسي الضمني لتقيّد الصلاة بالوضوء منشأ لاستحقاق العقاب على عدم الإتيان بالوضوء قبل الصلاة ، سواء أتي به بعد الصلاة ، أو لم يؤت به.
والخلاصة : إنّه هنا علم إجمالي ، إمّا بوجوب نفسي استقلالي للوضوء ، أو وجوب نفسي ضمني للتقيّد.
ومقتضى القاعدة ، هو أنّ يكون هذا العلم الإجمالي منجّزا في المقام.
وأمّا دعوى أن الوضوء معلوم الوجوب على كل حال ، فإنّها غير مفيدة ، لأنه معلوم الوجوب للجامع بين الوجوب الغيري والنفسي ، والوجوب الغيري ليس قابلا للتنجّز ، فلا أثر للعلم بالجامع بين وجوب لا يقبل التنجّز ، ووجوب يقبله ، وإنما الأثر ، للعلم بالوجوب النفسي ، وهو معلوم بالعلم الإجمالي ، وأحد طرفي هذا العلم هو الوجوب النفسي الاستقلالي للوضوء ، والطرف الآخر لهذا العلم ، هو الوجوب النفسي الضمني لتقيّد الصلاة بالوضوء ، وهذا العلم يوجب تعارض الأصلين في الطرفين ، فيكون أصل البراءة عن تقيّد
__________________
(١) أجود التقريرات : الخوئي هامش ص ١٧٠ محاضرات فياض ج ٢ ص ٣٩٢.