العبادي ، فتكون العباديّة مأخوذة في متعلق الأمر الغيري ، وهذه العبادية في متعلق الأمر الغيري لها أحد منشأين ، وكلاهما يلزم منه الدور :
المنشأ الأول : هو أن يقال : بأن عباديّة الوضوء إنما تكون بمعنى قصد امتثال نفس هذا الأمر الغيري المتعلق بالوضوء العبادي.
وهذا يلزم منه دور التعبّدي والتوصّلي ، لأن هذه العبادية أخذت في متعلق الأمر ، فالأمر الغيري تعلّق بالوضوء العبادي بما هو عبادي بحسب الفرض ، فكيف يفرض أن هذه العبادية ناظرة إلى نفس هذا الأمر ، وهذا دور.
ب ـ المنشأ الثاني : هو أن يقال : بأن هذه العبادية تتحقّق بلحاظ قصد التوصل إلى ذي المقدمة ، لا بلحاظ قصد شخص الأمر الغيري المتعلق بالمقدمة.
وهذا أيضا دور ، لأنّ قصد التوصل بالوضوء فرع كونه مقدمة ، لأن ما لا يكون مقدمة ، لا يعقل قصد التوصل به إلى شيء آخر ، إذ يكون أجنبيا عنه فلا يقصد التوصل به إليه ، فقصد شيء للتوصل إلى الصلاة ، فرع أن يكون ذلك الشيء مقدمة للصلاة ، وكونه مقدمة ومصداقا للمقدمة ، فرع أن يقصد به التوصل ، يعني فرع أن يكون عباديا ، لأننا فرضنا أنّ العبادية دخيلة في مقدّميّة المقدمة.
إذن فلا تكون مقدمة إلّا إذا قصد به التوصل ، ولن يقصد به التوصل إلّا إذا كان مقدمة ، وهذا دور.
والخلاصة ، هي : إنّ قربيّة المقدّمة ، إن كانت من ناحية أخذ قصد امتثال نفس الأمر الغيري المتعلّق به ، فهذا دور ، بل هو غير معقول ، لما تقدّم ، من عدم قربيّة الأمر الغيري ، وإن كانت قربيّة المقدمة من ناحية الأمر النفسي بذي المقدمة ، أي : قصد بها التوصّل إلى ذي المقدمة ، فهو دور أيضا ، لأنّ قصد التوصل بها ، فرع مقدّميّتها ، ومقدميتها لونها قربية ، فرع قصد التوصل ، والجواب على هذا التقريب هو : إننا نختار المنشأ الثاني ، بعد البناء على تسليم