قصد التوصل ، وإنما نشأت من ناحية الأمر النفسي الاستحبابي ، المتعلق بالوضوء ، فإن الطهارات الثلاث مضافا إلى جنبة مقدّميّتها للصلاة الواجبة ، فهي تتصف بالمطلوبية الاستحبابية النفسية ، وهذا الطلب الاستحبابي النفسي هو المنشأ في عبادية الوضوء ، وعليه فيؤتى بالوضوء بقصد هذا الأمر الاستحبابي النفسي ، وفيه لا يلزم الدور.
ويعترض على هذا الجواب باعتراضين واردين عليه ، كما يوجد بعض الاعتراضات غير الواردة عليه :
١ ـ الاعتراض الأول : هو ما أشار إليه نفس المحقق الخراساني «قده» (١) ثمّ أجاب عليه.
وحاصل الاعتراض ، هو : إنّه إذا كان المصحّح لعباديّة الوضوء ، هو قصد الأمر النفسي الاستحبابي ، فيلزم في حال عدم الالتفات إلى هذا الأمر النفسي الاستحبابي ، وتوجه المكلّف تمام نظره نحو الصلاة ، ونحو الأمر الغيري ، ونحو قصد التوصل ، قلت : يلزم في مثل ذلك ، أن يكون الوضوء باطلا ، لأنه لم يقع على وجه عبادي ، لأنّ عباديّته إنما هي من ناحية الأمر النفسي ، والمفروض أنه لم يتحرك عنه ، لأنه غافل ، أو لأنه معتقد بعدمه ، كما لو لم يثبت عنده الاستحباب النفسي ، مع أنّ الضرورة قائمة على خلاف ذلك ، على أن الوضوء يصح من المكلّف حتى لو كان غافلا عن الأمر الاستحبابي النفسي.
ثم إنّ المحقق الخراساني «قده» دفع ما أشكل به على نفسه بما حاصله (٢) تصوير الداعي على الداعي حيث قال : إنّ من أتى بداعي الأمر الغيري ، وداعي التوصل إلى الصلاة ، فهذا قاصد للإتيان بمتعلق الأمر الغيري ، ومتعلق الأمر الغيري إنما هو الإتيان بالفعل على وجه عبادي ، والفعل يكون
__________________
(١) كفاية الأصول : المشكيني ج ١ ص ١٧٧ ـ ١٧٨.
(٢) كفاية الأصول : مشكيني ج ١ ص ١٧٨ ـ ١٧٩.