عباديا إذا قصد به الأمر الاستحبابي النفسي ، إذن فهو قاصد لبّا امتثال الأمر النفسي ، فيكون من باب جعل الداعي على الداعي فيكون عنده داعيان :
الداعي الأول : هو الأمر الغيري ، يدعوه إلى متعلقه ، وهو أن ينبعث عن الأمر النفسي وهو الداعي الثاني ، فيكون هذا الداعي مولّدا لداع آخر في طوله وهو داعويّة الأمر النفسي.
وبعبارة مختصرة ، هي : إنّ من يأتي بالوضوء بداعي التوصل قاصد للإتيان بمتعلق الأمر الغيري الذي هو الفعل العبادي من ناحية الاستحباب النفسي ، فداعويّة التوصل تبعث نحو داعوية الاستحباب النفسي.
وهذا الدفع لا محصّل له ، وذلك لأنّ تعدّد الداعي بنحو يكون أحد الداعيين مولّدا للداعي الآخر ، وإن كان أمرا معقولا ، ولكنّه إنما يكون معقولا مع الالتفات إلى الداعي الطولي الثاني ، لأن الداعوية والانبعاث عن جهة وعن غاية ، هي فرع الالتفات إلى تلك الغاية ، وأمّا مع عدم الالتفات إلى تلك الغاية بوجه ، فإنه يستحيل الانبعاث عنها.
فالخلاصة : إنّ الأمر الغيري يمكن أن يكون داعيا لانبعاث الإنسان عن الأمر النفسي ، ولا يمكن تحقق الانبعاث هذا من دون الالتفات إلى الأمر النفسي لكي يكون داعيا ومحركا.
إذن فتعدد الداعي وطوليتهما ، إنما يتحقق مع فرض الالتفات إلى كل منهما في مرتبته.
وأمّا مع فرض عدم الالتفات إلى كل منهما في مرتبته فيكون الداعي الأول عاجزا عن الالتفات إلى الداعي الثاني ، لأن فرض الداعي الثاني هو فرع تحريك المكلّف إليه ، وإلا فلا يحركه إليه ما دام أنه غير ملتفت إليه ، فهذا الاعتراض يبقى مسجلا على المحقق الخراساني.
٢ ـ الاعتراض الثاني : المسجل على المحقق الخراساني هو : إنّه أحيانا يتفق أن ينطبق أمر استحبابي راجح على ترك الوضوء ، بحيث لو قطع النظر عن