والبعث إليه ـ يكفي أن يكون صادرا عن قدرة العبد والتفاته ، بمعنى عدم غفلته وجهله المركّب ، فلو أنّ المكلّف ضرب شخصا بقصد إظهار قوته أمام الناس ، وهو ملتفت إلى أنه سيؤدي إلى قتله ، كان القتل الصادر اختياريا ، ولو لم يكن من قصده القتل ، بل كان قصده عنوانا آخر ، إذن لا يشترط قصد العنوان في الاختيارية.
وعليه ، فلو جاء المكلّف بالمقدّمة ، بقصد آخر غير التوصل ، وهو ملتفت إلى أنّه سوف ينقدح جزما ، أو احتمالا في نفسه ، بعد ذلك ، أنه إنّما أراد فعل ذيها ، كانت المقدّمة الموصلة اختيارية ، ولو لم يكن لفاعلها قصد التوصل حينها.
ورابعا : لو سلّم باشتراط قصد العنوان وإرادته في وقوعه اختياريا ، مع ذلك نقول : بأنه يكفي في انطباق هذا التكليف ، أن يكون المعنون صادرا عن اختيار المكلّف وقصده ، طالما يكون انطباق العنوان الواجب عليه قهريا ، كما لو لم يكن من العناوين القصدية ، كالاحترام والتعظيم ، فلو صدرت المقدّمة من المكلّف ، لا بقصد الإيصال ، ولكنها كانت موصلة واقعا ، كانت مصداقا للواجب ، لكونها مصداقا للموصل لا محالة ، ولو لم يكن انطباق عنوان الموصل ، باختياره وقصده ، إذ إنّه ليس بلازم ، ما دام أن المعنون بقصده واختياره ولو بعنوان آخر ، وكان بإمكانه أن يقصده بذلك العنوان الواجب.
ولذلك لا يستشكل أحد في وقوع الواجب التوصلي ، ولو جيء به بغير العنوان الذي به وجب إذا لم يكن من العناوين القصدية ، كما إذا أزال النجاسة عن المسجد بعنوان التجمل لا بعنوان التطهير.
وخامسا ، لو أننا سلّمنا بجميع ما يتوقف عليه التقريب المذكور ، فإنه مع ذلك لا تثبت مقالة الشيخ الأعظم «قده» ، وإنما تثبت مقالة أخرى ، هي القول باختصاص الوجوب الغيري بالمقدمة الموصلة مع قصد التوصل بها ، وهو ، كما ترى ، جمع بين قيدي قصد التوصل والموصليّة ، وهذا جمع بين مقالتي الشيخ الأعظم «قده» ، وصاحب الفصول «قده» وليس هو مدّعى الشيخ