حيثية الإيصال بما هي موصلة ، فالموقوف غير الموقوف عليه.
التقريب الثاني : استلزام الدور ، بلحاظ عالم الوجوب ، حيث يدّعى أن الوجوب الغيري يتوقف على الوجوب النفسي بحكم التبعية ، فإذا صار الوجوب النفسي مقدمة المقدمة الموصلة ، حيث توقّف وجوبه على وجوبها فقد دار.
وأجيب بأن وجوب ذي المقدمة الموقوف على وجوب المقدمة ، ليس هو الوجوب النفسي له ، الموقوف عليه وجوب المقدمة ، وإنّما هو الوجوب الغيري ، إذن فالموقوف غير الموقوف عليه (١).
ويمكنك أن تقول : بأن الوجوب الذي يتولّد منه وجوب المقدمة ، هو الوجوب النفسي لذي المقدّمة ، والوجوب الذي يتولّد من وجوب المقدمة ، هو الوجوب الغيري لذي المقدمة ، فلا دور.
لكن يمكن أن يقال : بأنّه يمكن أن يكون نظر صاحب هذا التقريب إلى مرتبة تأكّد الوجوب على ذي المقدمة ، وأن لا يكون هناك إلّا وجوب واحد ، وعليه ، فيرجع حاصل هذا البرهان في هذا التقريب إلى أنه لو لم يقل بالتأكد بين الوجوبين ، لصحّ لزوم اجتماع المثلين ، وأمّا إذا قال بالتأكد ، فلا يلزم إلّا التأكد بين الوجوب النفسي الذي هو في مرتبة العلة للوجوب الغيري ، وبين الوجوب الغيري المعلول للوجوب النفسي وهذا يلزم منه التهافت في المرتبة ، وهو مستحيل بنفس نكتة استحالة الدور.
وإن شئت قلت : بأنه يصح هذا الجواب لو كان المستشكل يفترض عدم التأكد ، وأمّا إذا كان يرى لزوم التأكد بين الوجوبين ، حينئذ يتجه المحذور حيث يقال : إن الوجوب النفسي يترشح منه وجوب غيري على المقدمة الموصلة ، ويترشح منه وجوب غيري لذي المقدمة ، كما في ترشّح الوجوب
__________________
(١) محاضرات فياض : ج ٢ ص ٤١٤.