وبعد استعراضنا لبراهين عدم اختصاص الوجوب بالمقدمة الموصلة ، فقد تحصّل لدينا البرهان على المقدمة الموصلة أثناء مناقشتنا للبرهان السادس.
ثم استعرضنا الصياغات المتصورة للمقدمة الموصلة ، واستقرّ رأينا على آخر تلك الصياغات ، مع دفع الاعتراضات المتوجهة إليها ، وقد بقي علينا أن نبحث في الأدلة التي أقامها مؤسّس نظرية المقدمة الموصلة صاحب الفصول «قده» وهذه هي :
الدليل الأول : ويتمثل في الإحالة على الوجدان القاضي بأنّ الشخص إذا أراد (١) شيئا ، فإنما يريد خصوص الحصة الموصلة من مقدماته ، لا طبيعي المقدمة الجامع بين الموصلة وغيرها.
ونحن إن قبلنا هذه الإحالة ، إلّا أنها ليست دليلا ملزما في مقابل القائلين بوجوب مطلق المقدمة ، فإنهم أحالوا على الوجدان أيضا ، وبذلك تكون الإحالة على الوجدان قد صدرت من كلا الطرفين.
الدليل الثاني : يتمثل في دعوى شهادة الوجدان بصحة تصريح المولى (٢) بأنه يريد خصوص الحصة الموصلة من المقدمة ، مع أن الوجوب لو كان متعلقا بطبيعي المقدمة لكان هذا التمييز من قبل المولى جزافا.
وهذا الوجدان هو عين الوجدان السابق ، غاية الأمر ، أنّ ذاك وجدان نفس المطلب المدّعى ، وهذا وجدان صحة الإخبار عن ذاك المطلب المدّعى ، فهناك لوحظ مقام الثبوت ، وهنا لوحظ مقام الإثبات.
الدليل الثالث : هو أنّ المولى يمكنه أن يحرّم (٣) المقدمة غير الموصلة
__________________
(١) كفاية الأصول : مشكيني ج ١ ص ١٠٠ ـ ١٩٠.
(٢) نهاية الدراية : الأصفهاني ج ١ ص ٢٠٧.
(٣) الفصول في الأصول : محمد حسين بن محمد رحيم ص ٨٧.