فيقول : «إذا غرق إنسان في نهر ساحله مملوك ، أنقذ هذا الغريق ، وأحرّم عليك أن تتصرف بالأرض تصرفا لا يترتب عليه إنقاذه».
وهذا البيان ، إن أراد به صاحب «الفصول» إقامة برهان على مدّعاه ، فهو ليس ببرهان على ذلك ، لأنه غاية ما يثبت هو اختصاص الوجوب بالمقدمة الموصلة ، فيما إذا حرّم المولى غيرها ، وهذا لا إشكال فيه ، فإن الوجوب الغيري دائما يختص بالفرد المباح من المقدمة حتى المقدمة الموصلة حينما يكون لها أفراد.
نعم إذا كان مراده من هذا البيان ، الرد على أولئك القائلين بأن اختصاص الوجوب بالمقدمة الموصلة ، غير معقول في نفسه للدور أو التسلسل وغيره ، إذا كان مراده هكذا ، لكان كلامه وجيها ، فإنّه لو كان يلزم الدور ، فما ذا يقولون حين يحرّم المولى غير الموصلة؟.
فإن قلتم باختصاص الوجوب بالموصلة ، فيأتي إشكال الدور.
وإن قلتم بأنّ الوجوب لمطلق المقدمة ، كان هذا خلف المفروض من تحريم المقدمات غير الموصلة.
إلّا أنّ المحقق الخراساني (١) نفى هذا الوجدان أصلا ، وادّعى قيام البرهان على امتناع تحريم المولى للمقدمة غير الموصلة.
وحاصل هذا البرهان : إنه يلزم تحصيل (٢) الحاصل في طرف الأمر بذي المقدمة ، أي إنّه لو حرّم المولى المقدّمة غير الموصلة ، لكان الأمر بإنقاذ الغريق تحصيلا للحاصل ، وذلك لأن الأمر به مشروط بالقدرة تكوينا ، والقدرة شرعا.
ومعنى القدرة شرعا ، إباحة الشيء وإباحة مقدماته ، وإباحة الاجتياز
__________________
(١) كفاية الأصول : مشكيني ج ١ ص ١٩٠.
(٢) كفاية الأصول : مشكيني ج ١ ص ١٩٢.