الموصلة ، فالأمر كذلك أيضا ، فلا تعارض بين الدليلين ، وذلك لأن دليل «لا تغصب» ينشئ حرمة على القادر غير المبتلي بواجب مساو أو أهم ، فإن كان «الانقاذ» مساو أو أهم ، فمعناه ، أن دليل «لا تغصب» ينشئ حرمة على من لا ينقذ الغريق.
وهنا لا تعارض بين الدليلين ، بل الدليلان متزاحمان ، فيجري قانون التزاحم ، فيقدم الأهم ملاكا.
وأمّا إذا قلنا باستحالة اختصاص الوجوب بالمقدمة الموصلة ، حينئذ سوف يتحقّق تعارض بين «لا تغصب» ، و «أنقذ الغريق» ، لأن دليل «أنقذ» يستتبع وجوبا متعلقا بمطلق المقدمة ، أي : بمطلق الغصب ، الجامع بين الموصل وغيره ، وهذا ينافي حرمة الغصب ولو على تقدير عدم «الإنقاذ» ، إذن فيحصل تعارض بين الحرمة والوجوب ، وتسري المعارضة إلى دليليهما ، وحينئذ إذا لم يكن عندنا علم من الخارج ، فيجب أن نتعامل مع الدليلين معاملة المتعارضين ، إذن فقد ظهرت ثمرة في هذا القسم.
وأمّا القسم الثالث ، وهو ما إذا كانت المقدّمة لها فردان : أحدهما بطبعه محرّم ، والآخر بطبعه محلّل.
وهنا إذا بنينا على عدم وجوب المقدمة ، فلا تعارض ولا تزاحم.
وأمّا إذا قلنا بوجوب المقدمة ، وقلنا : إنّ الوجوب ثابت على الحصة المباحة ، كما هو المشهور ، لعدم وجود مقتض لترشيح الوجوب الغيري على المقدمة المحرّمة بطبعها ، فلا تعارض أيضا.
وأمّا إذا بنينا على مدّعى السيد الخوئي «قده» (١) من أنّ الوجوب الغيري ، «مقتضيه» ، نسبته إلى المباح والمحرّم على حدّ واحد ، لأنّ ملاك الشوق الغيري هو التوقف ، وهو موجود في كلتا المقدمتين على حد سواء ،
__________________
(١) محاضرات فياض : ج ٢ ص ٤٣١ ـ ٤٣٢.