المقدمات فلا يقع واجبا ، لا تعيينا ولا تخييرا ، لأنّه يكفي في ترك الحرام ترك المقدمة الأخيرة.
وأمّا إذا فرض الشق الثاني ، وهو كون تلك المقدمات بمجموعها علة تامة عرضية ، وتتبادل التقديم والتأخير فيما بينها ، حينئذ يكون الواجب ترك أحدها تخييرا.
نعم إذا أتى بها ما عدا واحدة ، تعيّن وجوب الترك في الأخيرة ، دون أن يكون هنا طلب تخييري لترك أحدها ، وذلك لأنّ ترك المقدمة الواقعة في المرتبة السابقة ، يستتبع ترك تلك المقدمة ، إذن فلا وجه لطلبه ولو تخييرا ، لأنه يكون من باب طلب مجموع التركين ، في حين أن امتثال الحرمة غير موقوف عليهما ، بل هو موقوف على أحدهما ، وحيث أنّ أحد التركين واقع ، فسوف تكون حرمة مجموع المقدمات مؤدية إلى المنع عن الأخيرة وطلب تركها تعيينا. هذا بنحو الكبرى.
والتحقيق بنحو الصغرى هو : إنّ كل فعل كان بحيث يصدر عن الإرادة والاختيار بعد تمام مقدماته ، ولا تكون مقدماته من قبيل الأسباب التوليدية ، يكون دائما من الشق الأول ، وعليه فتكون إرادة الحرام فقط حراما لأنها أحد أجزاء مجموع مقدماته ، ويكون تركها واجبا تعينيا ، لأنها الجزء الأخير من العلة التامة.
وأمّا إذا كان الحرام مسبّبا توليديا لمقدماته ، كما لو حرم قتل المؤمن مثلا ، وكان إلقاؤه من شاهق سببا لقتله ، فإنه ، في مثل ذلك ، لو كانت المقدمة والعلة التامة مجموع أمور عرضيّة ، حيث أنّ كلا منها يتبادل التقديم والتأخير مع الآخر فيما بينها ، حينئذ يكون الواجب ترك أحدها تخييرا.
وقد يتعيّن هذا المطلوب التخييري تعيّنا عقليا ، فيما إذا انحصر فيه الموصول إلى الحرام ، وأمّا إذا لم ينحصر الوصول إلى الحرام في واحد من المطلوبات التخييرية ، حينئذ لا يطلب تركه ولا يحرم فعله ، إلّا إذا صار