صغرى لكبرى حرمة التجري ، فيكون حراما ، ولكن حرمة غير الحرمة المبحوث عنها في محل الكلام.
وبهذا يتضح أنّه في المحرمات الاختيارية التي لا تكون مسبّبات توليدية ، بل هي صادرة عن الإرادة والاختيار حتى بعد تماميّة كل المقدمات الأخرى ، فإن الإرادة فيها تتصف بالحرمة الغيرية دون المقدمات الأخرى ، فتكون من الشق الأول.
ولكن وقع البحث ، في أن هذه المقدمة ـ الإرادة ـ المتّصفة بالحرمة الغيرية ، هل تتّصف بحرمة نفسية ، أو لا تتصف؟.
قد يقال : بأنّه لو أتى بالمقدمة هذه بقصد التوصل إلى الحرام ، فإنّها حينئذ تتصف بالحرمة النفسية ، ولكن هذا بحث يحتاج إلى دليل فقهي سوف نتعرض له في بحث التجري.
كما أنّ هناك بحثا آخر وهو ، إنّ الشخص الذي يعرف من نفسه أنّه لو أتى بالمقدمات ، سوف ينهار أمام إغراء الحرام فيقع فيه ، هنا قد يقال : إنّ هذه المقدمات ، وإن لم تكن متصفة بالحرمة الغيرية لتوقف الحرام فيها على الإرادة ولم توجد بعد ، ولكن قد يقال باتصافها بالحرمة النفسية ، ولو كانت بملاك طريقي ، بلحاظ (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ ،) بناء على استظهار كون المراد من الوقاية هو التحرّز عن موارد تؤدي به إلى غضب الله سبحانه ، ومن ثمّ إلى النار ، كما هو ظاهر التوقي ، وهذا أجنبيّ عن محل الكلام في الحرمة الغيرية.
وأمّا مقدّمات المكروه ، فالكلام فيها مثل الكلام في مقدّمات الحرام بلا زيادة أو نقصان.
وبهذا ينتهي الكلام حول الأوامر مادة وهيئة ودلالة ، مع استعراض أقسام الواجب والإجزاء ومقدمة الواجب وغيره.