لنكتة شخصية وخاصة ، لكنه خلاف الوجدان ، فإن طبع التضاد وفرضه لا يقتضي ، ذلك وإن كان يصح تقييد مقتضي أحد الضدين بعدم الآخر ، كما رأيت في المثال ، ولكنّ التضاد بما هو تضاد ، ليس ملاكا لذلك ، وليس ملاكه ذلك.
ولا يتوهّم في المقام ، أنّ هذا كأنّه استدلال على المدّعى بوجدانية بطلان مدّعى الخصم ، حيث أنّ الخصم يرى أن التضاد يوجب توقف أحدهما على عدم الآخر ، ونحن نرى أنّ التضاد لا يوجب ذلك بالوجدان ، إذن فنكون كأنّنا ادّعينا وجدانية بطلان مدّعى الخصم ، إذن فهذا ليس استدلالا منّا ، وإنما هو تكذيب بالوجدان لمدّعى الخصم ، إذ في مدّعاه ما يوهم وجدانية المنافاة بين الضدين ، وأن وجود أحدهما منوط بعدم الآخر ، في حين أنّ هذا ليس هو الوجدان المدّعى في المقام كي يكون محل النزاع ، وإنما المدّعى هو وجدانية عدم توقف مقتضي أحد الضدين في نفسه على عدم الضد الآخر ، وهو ممّا يعترف به الخصم.
وعلى كل حال فإنه يجاب عن هذا التوهم ، بأنّ عندنا مسألتين : إحداهما هي الوجدان ، والثانية يكون ما هو الوجدان فيها برهان على بطلان مدّعى الخصم في المسألة الأولى.
وتوضيح ذلك ، هو : إنّ الخصم يقول بأن أحد الضدين يتوقف على عدم الضد الآخر ، وهذا وإن كان خلاف وجداننا المعمّق ، ولكنّه ليس واضح البطلان جدا ، وذلك لوجود وجدان يوهم هذه الدعوى ، وهو وجدانيّة التنافي بين السواد والبياض ، إذن فدعوى توقف أحد الضدين على عدم الآخر ، إنما هي في حدود ما يكون بينهما من منافاة ، يدّعى أنّ الوجدان قاض بتوقف أحدهما على عدم الآخر.
وهذا الوجدان في المنافاة ، إنّما هو بين السواد والبياض ، وأمّا مقتضي السواد مع وجود البياض ، فلا منافاة بينهما ، لإمكان أن يوجد مقتضي السواد مجردا عن التأثير في البياض خارجا ، إذن فذاك الوجدان الذي حرّك ضمير