الخصم ووجدانه ، لدعوى المقدميّة بين عدم الضد وضده ، حتى صارت هذه المقدميّة وجدانيّة ، غير موجود هنا بين اقتضاء المقتضي للسواد ، ووجود البياض خارجا.
وإنما موطن هذا الوجدان ، إنما هو في ظاهر المنافاة والممانعة بين نفس السواد والبياض ، وحينئذ ، إذا لم يكن بين اقتضاء مقتضي السواد ووجود البياض وجدان منافاة ، إذن فلا يساعد حتى ضمير الخصم على القول ، بأنّ اقتضاء مقتضي الضد مشروط بعدم ذلك الضد الآخر ، وإنما الاشتراط أمر يحتاج إلى نكتة زائدة على عدم التضاد.
وهنا يمكننا على ضوء هذا ، أن نجعل من مقولة عدم اشتراط اقتضاء مقتضي السواد بعدم البياض ، أن نجعل منها أمرا وجدانيا يعترف به الخصم ، وإن كان هذا قد يحدث صدفة لنكتة خاصة في بعض الموارد ، كما تقدم في المثال سابقا.
وبهذا يمكننا أن نبطل هذا الاحتمال الثاني ، ونفوّض عن هذا الوجدان ببرهان يختص بخصوص المقتضي الغالب ، دون أن يكون اقتضاؤه مشروطا بعدم وجود الضد الآخر ، وإلّا لما كان لغلبة المقتضي تأثيره في إيجاد مقتضاه ، ما دام مشروطا بعدم تأثير المقتضي الضعيف ، مع أنّ ضرورة العالم الذي نعيش فيه ، تدل على أن الغلبة في أحد المقتضيين توجب وجود مقتضاه خارجا ، وإن كان المقتضي الضعيف موجودا.
وهذا معناه أن اقتضاء المقتضي الغالب ، وتأثيره في إيجاد مقتضاه ، لا يعقل أن يكون مشروطا بعدم تأثير المقتضي الضعيف (١) ، وهذا إن صحّ في المقتضي القوي ، صحّ في المقتضي الضعيف ، لوضوح عدم الفرق بين افتراض
__________________
(١) ولكن عرفت فيما تقدم أن اشتراط تأثير المقتضي الغالب بعدم تأثير المقتضي الضعيف ، غير ضار في المقام ، إذ إنّ تأثير المقتضي الضعيف إلى جانب المقتضي القوي ، كلا تأثير في مقام المزاحمة.