نعم يبقى الكلام فيما إذا كان لهما ثالث أو رابع ، وكان بالإمكان انتفاء الأضداد الوجودية بكاملها ، كما في الحب والكرة اللّذين يمكن ارتفاعهما أي : عدمهما معا ، فإنّه قد يوجد من لا يحب ولا يكره ، فيتوفر العدم للمجموع.
في مثل ذلك ، لا يتم هذا البرهان المذكور ، وحينئذ يتعيّن التمسك بوجدانية عدم الفرق.
٩ ـ البرهان التاسع : وهو ما أفاده المحقق الأصفهاني «قده» (١) ، ويتوقف على مقدمتين :
أ ـ المقدمة الأولى : هي أن النقيضين في رتبة واحدة ، فالبياض وعدمه في رتبة واحدة ، وذلك لأنّ نقيض كل شيء بديله ، ولا يكون البديل بديلا إلّا إذا حلّ في محل نقيضه وأخذ رتبته ، فالسواد بديل عدمه ، ومقتضى البدليّة أن يخلفه في رتبته.
ب ـ المقدمة الثانية : هي أنّ المقارن للمتقدم متقدم ، والمقارن للمتأخر متأخر وهكذا المساوي ، وهذه قضايا تحمل أقيستها معها كأنّها بديهية.
فإذا تمّت هاتان المقدمتان حينئذ يقال : بأن القائل بالمقدميّة يقول بتوقف السواد على عدم البياض ، ومعناه : إنّ عدم البياض يكون في مرتبة سابقة عليه ، وبحكم المقدمة الأولى يجب أن يكون نفس البياض في مرتبة عدم البياض لوحدة رتبة النقيضين بحكم المقدمة الأولى ، فالبياض مقارن ومساو في الرتبة ، ومتحد في الدرجة مع عدمه ، وحيث أنّ عدم البياض متقدم على السواد ، فكذلك السواد بمقتضى المقارنة متقدم على نفس البياض ، بحكم المقدمة الثانية ، وينتج أنّ البياض متقدم رتبة على السواد.
ثم إنّ الشيء نفسه يقال عن السواد ، فإنّ عدم السواد نفسه متقدم على البياض بملاك المقدميّة المدعاة من قبل الخصم ، والسواد في رتبة نقيضه ،
__________________
(١) نهاية الدراية : الأصفهاني ج ٢ ص ١٠ ـ ١١.