والمساوي للمتقدم متقدم بحكم المقدمة الثانية ، فينتج أن السواد متقدم على البياض.
ونتيجة ذلك أنّ كلا منهما متقدم على الآخر ، ومتأخر عنه ، وهو تهافت في الرتبة بين الضدين ، وهو أمر مستحيل ، لاستحالة كون الشيء نفسه متقدما متأخرا.
وهذا البرهان بهذا البيان ، لا يحتاج إلى استئناف وجدان أو برهان على أن الضدين في أنفسهما في رتبة واحدة ، كما فعل السيد الخوئي (١) ، ذلك لأنّ المحذور ليس في اختلاف الضدين في الرتبة ، وإنّما المحذور في تهافتهما في المرتبة حيث كل منهما متقدم متأخر ، وهو باطل بالبداهة.
فإثبات عدم تضادهما في الرتبة ، لا دخل له في تتميم هذا البرهان ، لأنّ هذا البرهان يبرهن على أنّ لازم القول بالمقدميّة ـ بعد ما قلناه ـ ينتج تقدم أحدهما على الآخر ، سواء اتحدا أو تفاوتا ، كما ذهب إليه المحقق الأصفهاني في تفسير عبارة «الكفاية».
وبعد بيان البرهان بهذا البيان ، نقول : إنّ كلتا المقدمتين مخدوشة.
أمّا المقدمة الأولى : فلأنها كلام صوري ، لأنّ قانون ، إنّ نقيض كل شيء بديله ، إنّما يكون ذلك في لوح الواقع ، لا في المرتبة ، فلو فرضنا شيئا مقيّدا بمرتبة معيّنة من الزمان ، أو المكان كالصلاة في المسجد ، فإنّ بديل الصلاة في المسجد إنّما هو عدم الصلاة الذي يكون بديلا لها في الواقع ، فالبديل الواقعي إنّما هو عدم المقيّد لا العدم المقيّد.
ثم إنكم قلتم : بأن النقيض هو بديل نقيضه ، وهذا صحيح لو أريد بذلك عدم عليّة أحدهما للآخر وتقدمه عليه ، لأنّ بدليّة النقيض لنقيضه إنّما هي في لوح الواقع ، لا في لوح المرتبة.
__________________
(١) محاضرات فياض : ج ٣ ص ٢٠ ـ ٢١.