وعليه فهذه البدلية في لوح الواقع لا تستلزم ما قيل في المقدمة الثانية ، من أنه لو كان أحدهما علة لشيء ، ومتقدما عليه ، كان الآخر مثله ، وإلّا ، لو أنّ المرتبة أخذت قيدا في النقيض للزم من ذلك إمكان ارتفاع النقيضين في فرض ارتفاع القيد ، كما لو لم يوجد صلاة في المسجد ، ولا العدم المضاف إلى المسجد ، وذلك كما لو لم يشرّع الله تعالى الصلاة أصلا ، أو كما لو لم يمكّننا من بناء مسجد أصلا.
والخلاصة : إنّ كون النقيضين في رتبة واحدة ، إنّ كان المراد بها عدم عليّة أحدهما للآخر ، وتقدّمه عليه ، فهو أمر صحيح ، ولا يستلزم ما قيل في المقدمة الثانية ، من أنه إذا كان أحدهما علة للآخر ، ومتقدما عليه ، كان النقيض الآخر مثله.
وإن كان المراد من كون النقيضين في رتبة واحدة ، أن المرتبة التي تكون قيدا لثبوت أحدهما ، هي نفسها تكون قيدا لثبوت الآخر ، على أساس بدلية أحدهما واستخلافه للآخر في موضعه ، إن كان هذا هو المراد ، فهذا غير صحيح.
وذلك لكون استخلاف كل منهما وبدليته عن الآخر ، إنّما هي في لوح الواقع لا في ظرف ثبوت الأول زمانا أو رتبة ، فكون وجود شيء ثابت في زمان ، لا يكون عدمه مقيّدا بنفس ذلك الزمان والمرتبة ، فإنّ المقصود بالنقيض البديل ، إنّما هو عدم المقيّد بذلك الزمان أو المرتبة ، لا العدم المقيّد ، وإلّا لو كان معنى الاتحاد في الرتبة ذلك ، للزم منه ارتفاع النقيضين في فرض ارتفاع القيد كما عرفت.
فالنتيجة إذن ، هي أنه لا برهان على أن نقيض كل شيء يجب أن يخلفه في رتبته.
وأمّا المقدمة الثانية ، وهي «أنّ ما يكون مقارنا للمتقدم متقدم» : فقد أوضح جملة من المحققين الحكماء ، إنّ هذا المطلب ليس بصحيح ، وإن