إنما كان منشأ توهمه هو : أنّ القدرة على الجامع إنما تكون بالقدرة على أفراده ، إذن فالقدرة على الجامع تحدث بعد تعلّقها بالأفراد ، والمفروض أن أفراد الجامع طوليّة ، فيلزم من كونها هكذا ، الشرط المتأخر ، لأنّ تعلّق القدرة بالجامع مشروط بتعلّقها بأفراد الجامع ، والحال إنّها طولية ، وبعده فهذا شرط متأخر.
وحينئذ يجاب عن هذا ، بأن نقول : إنّ القدرة ليست شرطا في عنوان الخطاب ، وإنّما هي شرط من باب قبح تكليف العاجز الذي يتعقبه العجز ، وأمّا الذي لا يتعقّبه العجز ، لا يحكم بقبح تكليفه ، فهنا مقتضى إطلاق دليل «صلّ» هو أنّ أصل وجوب الصلاة ثابت حتى للعاجز ، ثم أخرجنا منه العاجز بمخصّص لبّي ، وهذا العاجز أيضا خرجنا عنه بالعجز الذي يكون متعقبا لعجز مثله ، إذن فيبقى تحت إطلاق دليل «صلّ» ما عدا العجز المتعقب بمثله ، فالعاجز غير المتعقب بمثله يبقى تحت الإطلاق. وحينئذ يكون وجوب الصلاة مشروطا بحصة خاصة ، وهي العجز المتعقب بمثله ، وعدمه أمر مقارن لا محالة.
وإن شئت قلت : إنّ مقتضى إطلاق دليل «صلّ» هو ثبوت التكليف بالصلاة حتى للعاجز المستوعب عجزه لتمام الوقت ، أو لزمان الواجب المضيّق المزاحم ، «كالإزالة» ، أو «إنقاذ الغريق» ، وقد أخرجنا من تحت هذا الإطلاق من كان عجزه مستوعبا تمام الوقت ، فيبقى من ليس كذلك مشمولا لإطلاق خطاب «صلّ» بما فيه من ليست قدرته ثابتة في زمان المزاحمة ، لأنّ إطلاق الخطاب لا بدّ من التحفظ عليه ، وفي المقام يمكن التحفظ على الإطلاق ، وذلك بأخذ الشرط ، وهو العجز المتعقب بمثله ، و «التعقّب» بالقدرة ، مقارن مع فعليّة الحكم.
فمقتضى صناعة الدليل هو : الالتزام بوجوب الصلاة على الإطلاق ، غاية الأمر إنّا خرجنا عن الإطلاق بدليل لبّي ، والقدر المتيقن للخروج منه ، هو العاجز المتعقّب بعجز مثله ، وحينئذ يكون تعلّق الأمر بالجامع ليس مشروطا