٣ ـ الإيراد الثالث : للسيد الخوئي «قده» على أستاذه الميرزا «قده» هو : إنّ الميرزا «قده» يبني كلامه على أنّ مدلول صيغة «افعل» إنّما هو «الطلب» الذي مفاده «البعث والتحريك وجعل الداعي». وهذا متوقف على إمكان الانبعاث والإرسال ، إذ لا انبعاث لغير المقدور.
والسيد الخوئي يرى أنّ مدلول الصيغة ، إنّما هو اعتبار الفعل على ذمة المكلّف ، فالقدرة ليست قيدا للخطاب ، لا بحكم العقل ، ولا من باب اشتراط إمكان الانبعاث نحو المتعلّق كما ذهب الميرزا «قده». وإنّما هي شرط عقلي في مقام الامتثال ولزوم الطاعة ، وهذا كما ترى ، ليس فيه تحريك ، ولا انبعاث وجعل الداعي.
نعم هو على مبنى القوم القائلين بوضع الصيغة للطلب ، فإنه يفيد ما قاله الميرزا «قده».
وهذا الإيراد ، هو أيضا غير وارد على الميرزا «قده» ، إذ لا ربط له بما قاله الميرزا «قده» ، وذلك لأنّنا نفرّق بين المدلول التصوري لصيغة «افعل» ، وبين المدلول التصديقي الجدّي لها الذي هو روح الحكم وحقيقته.
ومهما كان المدلول التصوري لصيغة «افعل» ، سواء أكان هو التحريك ، أو النسبة الإرسالية والتحريكيّة ، كما ذهب إليه المشهور القائلون بوضع الصيغة لهذا ، أو كان اعتبار الفعل على ذمة المكلف ، كما ذهب إليه السيد الخوئي «قده» ، فإنّ ذلك كله أجنبي عن محل الكلام ، لأنّه بحث في المدلول الاستعمالي للصيغة ، ومن هنا قيل : بأنها للطلب تارة ، وللتحريك أخرى ، ولغيرهما ثالثة.
ونحن نقول : بأن صيغة «افعل» ، يوجد وراء مدلولها الاستعمالي ، مدلول تصديقي جدّي واقعي ، وهو البعث والتحريك الجدّي مهما كان مدلولها الاستعمالي.
ومن الواضح ، أنّ التحريك الجدي والواقعي نحو غير المقدور غير