ومن هنا وقع الكلام في كيفية إثبات الملاك وبقائه في الفرد المزاحم ، وأهمّ ما ذكر لذلك وجهان :
١ ـ الوجه الأول : هو التمسك بالدلالة الالتزامية لدليل «صلّ» ، فإن دليل «صلّ» له دلالتان : دلالة مطابقية على ثبوت الحكم للفرد المزاحم ، ودلالة التزاميّة على علة الحكم ومناطه ، فإذا ارتفعت الدلالة الأولى عن الفرد المزاحم ، دفعا لمحذور طلب غير المقدور ، فقد بقيت الدلالة الالتزاميّة «مناط الحكم وعلته» متعلقة في غير المقدور ، إذ لا محذور من ثبوت الملاك فيه ، بل هو أمر معقول ، وحينئذ نتمسك بالدلالة الالتزامية لدليل «صلّ» ، وليس هي إلّا الملاك ، وبه تصح العبادة المزاحمة.
وهذا الوجه اعترض عليه السيد الخوئي «قده» (١) ، حيث قال : بأنّ هذا الوجه مبنيّ على كون الدلالة الالتزاميّة مستقلة في مقام الحجيّة عن الدلالة المطابقية ، في حين أنّ الدلالة الالتزاميّة تابعة للدلالة المطابقية في الحجيّة ، فإذا سقطت الدلالة المطابقية عن الحجيّة ، سقطت بتبعها الدلالة الالتزاميّة عن الحجية أيضا.
وهذا الاعتراض من السيد الخوئي «قده» حوله ثلاث تعليقات :
١ ـ التعليق الأول : هو أنّ ربط محل الكلام بمسألة تبعية الدلالة الالتزامية للدلالة المطابقيّة في الحجيّة ، وإن كان صحيحا في نفسه ، ولكنّه لا يتناسب مع مبنى ومسلك السيد الخوئي «قده» ، عند ما دفع كلام المحقق النائيني القائل باشتراط القدرة في التكليف ، حيث أنّ مبنى السيد الخوئي «قده» أنّ القدرة ليست شرطا في التكليف ، وإنّما هي شرط بحكم العقل في مقام الامتثال والتنجز ، بينما الحكم الشرعي عنده ، ليس مشروطا بالقدرة ، لا ببرهان شرعي ، ولا ببرهان عقلي ، لأنّ الحكم الشرعي عنده هو اعتبار الفعل
__________________
(١) محاضرات فياض : ج ٣ ص ٧٤ ـ ٧٥ ـ ٧٧.