حينئذ يقال : إنه بناء على أن اشتراط القدرة كان بقرينة منفصلة : فالذي يسقط عن الحجيّة هو حجيّة الظهور ، لا أصل الظهور ، وعليه فإذا قلنا بتبعيّة سقوط حجيّة الدلالة الالتزامية للدلالة المطابقية ، فتكون ساقطة ، وأمّا إذا كان اشتراط القدرة في التكليف ، إنّما كان بقرينة متصلة ، فمن الأصل لم ينعقد ظهور للدليل في الدلالة المطابقية.
وعليه فلا معنى لأنّ يقال هنا : بأن الدلالة الالتزاميّة تابعة ، أو غير تابعة.
والخلاصة ، هي : إنّ القائلين بعدم التبعية بين الدلالتين في الحجية أيضا ، لا يمكنهم التمسك بإطلاق دليل التكليف لإثبات الملاك في الفرد المزاحم ، لأنّ اشتراط القدرة في خطاب التكليف كان بقرينة متصلة ، كما عرفت ، وهي قيد لبّي مخصّص لدليل التكليف ، بحيث أنه من الأصل لم ينعقد له ظهور إطلاق في الدلالة المطابقية ، ولا في الدلالة الالتزامية أي : لا في الحكم : ولا في الملاك لجهة الأمر المزاحم من الأصل ، وحينئذ لا يبقى معنى للقول بالتبعية وعدمها.
وبهذا يتضح عدم صحة الجواب الثالث على الاعتراض ، وبهذا يتضح أيضا أن الجواب الثالث ، وهو الاكتفاء بالملاك لتصحيح عبادية المزاحم ، غير تام.
٢ ـ الوجه الثاني : لإثبات الملاك في الفرد المزاحم ، هو : ما سلكه المحقق النائيني «قده» (١) من التمسك بإطلاق المادة.
وتوضيحه هو : إنّ المولى حينما يقول ، «صلّ» ، يكون بصدد بيان أمرين :
أ ـ الأمر الأول : الحكم الشرعي بالوجوب ، وهو مدلول عليه باللفظ.
__________________
(١) فوائد الأصول : الكاظمي ج ١ ص ١٨٣ ـ ١٩٠.